للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا اللَّه عنه: أخرج النسائيّ في "الكبرى" (٢/ ٤٨٩) فقال:

(٤٢٩٠) - أنبأ قتيبة بن سعيد، والحارث بن مسكين، قراءةً عليه وأنا أسمع، عن سفيان، عن عمار الدُّهنيّ، عن أبي سلمة، عن أم سلمة؛ أن النبيّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إن ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة"، قال النسائيّ: في حديث الحارث: "ما بين قبري ومنبري".

قال الجامع عفا اللَّه عنه: رجال هذا الحديث رجال الصحيح، فما قاله في "الفتح" من أن رواية "قبري" خطأ فيه نظر، اللهم إلا إذا أراد بالنسبة لرواية البخاريّ، فالحقّ أن رواية "قبري" صحيحة، ويكون ذلك عَلمًا من أعلام النبوّة بأن أشار -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه سيدفن في ذلك المحلّ، أو يكون من الرواية بالمعنى، والأول أولى، فتنبّه، واللَّه تعالى أعلم.

(رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ") قال النوويّ -رَحِمَهُ اللَّهُ-: ذكروا في معناه قولين: أحدهما: أن ذلك الموضع بعينه يُنقل إلى الجنة، والثاني أن العبادة فيه تؤدي إلى الجنة، قال الطبريّ: في المراد ببيتي هنا قولان: أحدهما: القبر، قاله زيد بن أسلم، كما رُوي مفسرًا: بين قبري ومنبري، والثاني: المراد بيت سكناه على ظاهره، ورُوي: "ما بين حجرتي ومنبري قال الطبريّ: والقولان متفقان؛ لأن قبره في حجرته، وهي بيته. انتهى (١).

وقال في "الفتح": قوله: "روضة من رياض الجنّة"؛ أي: كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة، وحصول السعادة بما يَحصُل من ملازمة حِلَق الذِّكر، لا سيّما في عهده -صلى اللَّه عليه وسلم-، فيكون تشبيهًا بغير أداة، أو المعنى أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة، فيكون مجازًا، أو هو على ظاهره، وأن المراد أنه روضة حقيقةً، بأن يُنتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة، هذا مُحَصَّل ما أوّله العلماء في هذا الحديث، وهي على ترتيبها هذا في القوّة. انتهى (٢).

قال الجامع عفا اللَّه عنه: عندي الأَولى حمل الحديث على ظاهره؛ لأن حمل النصوص على ظاهر ما دلّت عليه، ويتبادر إلى الذهب إذا أمكن هو المتعيّن، ثم هو مع ذلك لا ينافي المعاني الأُخَرَ، بأن يقال: هو روضة من


(١) "شرح النوويّ" ٩/ ١٦١ - ١٦٢.
(٢) "الفتح" ٥/ ٢٠٦.