للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

آخر مساجد الأنبياء، أو أنه يبقى آخر المساجد، ويتأخر عن المساجد الأخر في الفناء؛ أي: فكما أنه تعالى شرّف آخر الأنبياء، شرف كذلك مسجده الذي هو آخر المساجد، بأن جعل الصلاة فيه كألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، واللَّه تعالى أعلم. انتهى.

(قَالَ أَبُو سَلَمَةَ) بن عبد الرحمن (وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ) الأغرّ (لَمْ نَشُكَّ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ) -رضي اللَّه عنه- (كَانَ يَقُولُ عَنْ حَدِيثِ رَسُول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-) أي: يُخبر بهذا الحديث، آخذًا عن حديث رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، والمراد أنهما كانا لا يشكّان في كون أبي هريرة -رضي اللَّه عنه- يخبر بهذا الحديث عنه -صلى اللَّه عليه وسلم- لا من عنده، ولجزمهما بذلك لم يسألاه من أين أخذه؟ كما بيّنا ذلك بقولهما: "فمنعنا أن نستثبت. . . إلخ".

[فائدة]:

يجوز في قوله: "لم نَشُكّ" تحريك كافه بالحركات الثلاث: الفتح تخفيفًا، والكسر على أصل التخلص من التقاء الساكنين، والضم، وهو الأكثر في كلامهم، إتباعًا لحركة الفاء، وكذا كلُّ فعل مُضَعَّف مجزوم، إذا كان مضموم الفاء، كـ "لم يَرُدّ"، أو مكسورها، كـ "لم يَفِرّ"، وأما مفتوحها، فليس فيه الضم، كـ "لم يَعَضِ"، ومثله الأمر في هذا كله، كرُدِ، وفِرِّ، وعَضِ.

وهنا حكاية مَلِيحَة، أحببت إيرادها؛ لكونها ظريفة، مستحسنة، مشتملة على أحكام حركات الفعل المضارع المضعَّف الآخِرِ، وأمرِهِ؛ لكثرة تكرره في الأحاديث، مثل هذا الحديث، ومثل الحديث الماضي في "الصلاة": "ووقت العصر ما لم تصفرّ الشمس".

قال العلامة ابن حمدون -رَحِمَهُ اللَّهُ- في "حاشية ابن حمدون على شرح المكّوديّ لألفية ابن مالك" في "باب الإدّغام"، ما نصه:

(تتمة) حكاية جَرَت عادتهم بذكرها هنا، لمناسبتها، نَقَلَها صاحبُ "الأنيس المطرب" عن الفقيه البوعصامي في ترجمته، وذلك أن بعضهم سأل الفقيه المذكور عن حركة آخر الفعل المضارع المجزوم المضعَّف الآخر، وعن الأمر منه، نحو لم يَشُدّ، وشُدّ؟ فقال: إن لهذه المسألة قصةً اتفقت للراعي -رَحِمَهُ اللَّهُ- مع بعض أصحابه.