للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اسم الرجل، كما قاله صاحب "تنبيه المعلم" (١). (فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، مَا الْمُوجِبَتَانِ؟) قال الحافظ أبو نعيم رحمه الله تعالى في "مستخرجه": "الموجبتان": الخصلتان اللتان توجبان الجنة والنار. انتهى (٢).

و"ما" استفهاميّة مبتدأ خبرها ما بعدها، ويجوز العكس، أي ما هما الخصلتان اللتان توجبان دخول الجنة، ودخول النار؟، وفيه أن التوحيد موجب لدخول الجنّة، والشرك موجب لدخول النار.

قال الشيخ ابن الصلاح رحمه الله تعالى بعد ذكر نحو ما ذكره الحافظ أبو نُعيم في معنى الموجبتين، ما نصّه: والوجوب في ذلك واقعٌ بالإضافة إلى العبد، لا بالإضافة إلى الله، تعالى الله عن ذلك. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الوجوب المنسوب إلى الله تعالى هنا نظير الحقّ المنسوب إليه في حديث معاذ - رضي الله عنه - حيث قال له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "أتدري ما حق الله على العباد؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: "أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا"، "أتدري ما حقهم عليه؟ " قال: "الله ورسوله أعلم، قال: أن لا يعذبهم" (٤)، فالواجب هو ما أوجبه على نفسه لعباده فضلًا منه وكرمًا، لا أنه يجب عليه شيء، فتنبّه، والله تعالى أعلم.

(فَقَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("مَنْ مَاتَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ") قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: إن من مات لا يتّخذ مع الله شريكًا في الإلهيّة، ولا في الْخَلْق، ولا في العبادة، فلا بُدّ من دخوله الجنّة، وإن جرت عليه قبل ذلك أنواعٌ من العذاب والمحنة، وأن من مات على الشرك لا يدخل الجنّة، ولا يناله من الله تعالى رحمةٌ، ويُخلّد في النار أبد


(١) "تنبيه المعلم بمبهمات صحيح مسلم" ص ٦١.
(٢) "المستخرج" ١/ ١٦٨.
(٣) "الصيانة" ص ٢٧٧.
(٤) هو ما أخرجه الشيخان من حديث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "يا معاذ أتدري ما حقُّ الله على العباد؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: "أن يعبدوه، ولا يشركوا به شيئًا، أتدري ما حقهم عليه؟ " قال: الله ورسوله أعلم، قال: "أن لا يعذبهم".