والثانية: اختلاف أصحاب نافع عليه، فمنهم من روى الحديث عنه، عن ابن عمر، وهم عبيد الله بن عمر العمريّ، وموسى الجهنيّ، وأيوب السختيانيّ، وكلهم عند مسلم، ومنهم من رواه عن نافع، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن ميمونة، وهما ابن جريج، والليث بن سعد.
والجواب عن الأولى أن أيوب لم ينفرد به، بل تابعه عليه عبيد الله العمريّ، وموسى الجهنيّ، وكلهم حفّاظ، فالحديث محفوظ.
والجواب عن الثانية: وهي اختلاف أصحاب نافع عليه، فالذي يظهر أن ما ذهب إليه مسلم هو الصواب، وهو صحة الروايتين، وهو الذي رجحه النوويّ، متعقّبًا لترجيح القاضي عياض ما قاله الدارقطنيّ.
والحاصل أن مذهب المصنّف في تصحيح الروايتين هو الظاهر، وقد أجاد البحث في هذا الشيخ ربيع المدخليّ حفظه الله في كتابه "بين الإمامين: مسلم والدارقطنيّ" فراجعه تستفد (١)، وبالله تعالى التوفيق.
[تنبيه آخر]: رواية أيوب السختيانيّ، عن نافع لم أجد من ساقها، فليُنظر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:
[٣٣٨٤](١٣٩٦) - (وَحَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ، جَمِيعًا عَن اللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ، قَالَ قُتَيْبَةُ: حَدَّثَنَا لَيْثٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ، عَن ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّهُ قَالَ: إِنَّ امْرَأَةً اشْتَكَتْ شَكْوَى، فَقَالَتْ: إِنْ شَفَانِي اللهُ لَأَخْرُجَنَّ، فَلَأُصَلِّيَنَّ فِي بَيْتِ الْمَقْدِسِ، فَبَرَأَتْ، ثُمَّ تَجَهَّزَتْ تُرِيدُ الْخُرُوجَ، فَجَاءَتْ مَيْمُونَةَ زَوْجَ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - تُسَلِّمُ عَلَيْهَا، فَأَخْبَرَتْهَا ذَلِكَ، فَقَالَتْ: اجْلِسِي، فَكُلِي مَا صَنَعْتِ، وَصَلِّي فِي مَسْجِدِ الرَّسُولِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ:"صَلَاةٌ فِيهِ أَفْضَلُ مِنْ أَلْفِ صَلَاةٍ فِيمَا سِوَاهُ مِنَ الْمَسَاجِدِ، إِلَّا مَسْجِدَ الْكَعْبَةِ").