قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما كان من غير شدّ رحل يلزم الوفاء به؛ لقوله تعالى:{وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}[الحج: ٢٩]، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أوف بنذرك"، فالوفاء بالنذر واجب بالنصّ، إلا أن يكون في أحد المساجد الثلاثة، فيكفيه أن يصلي ما نذره في غيرها؛ لكونها أفضل، وقد تقدم أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر من نذر أن يصلي في بيت المقدس بالصلاة في مسجده - صلى الله عليه وسلم -؛ لكونه أفضل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة السابعة): أنه قد وقع نزاع في شد الرجال لزيارة قبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال بتحريمه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -، واحتج على ذلك بحديث الباب، ورَدّ عليه الشيخ تقيّ الدين السبكيّ - رحمه الله -، وألّف في ذلك كتابًا، وانتصر الحافظ شمس الدين بن عبد الهادي - رحمه الله - لابن تيمية، وردّ على السبكي، وألّف في ذلك كتابًا.
وخلاصة القول: إن شيخ الإسلام لا يقول بتحريم الزيارة مطلقًا، بل يقول باستحبابها، وإنما يقول بتحريم شدّ الرحال إليها؛ لحديث الباب، وقد يتوهم بعض الجهلة أنه يقول بتحريم الزيارة مطلقًا، وهذا خطأ عليه، فتنبه.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن الأولى أن ينوي المسجد عند شدّ الرحل، فإذا وصل هناك توجه للزيارة؛ لأنها مشروعة في أصلها إجماعًا، فهذا أسلم، استبراء لدينه، وقد أخرج الشيخان عن النُّعمان بن بشير - رضي الله عنهما -، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه قال:"ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. . ." الحديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال: