للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وتأسيس البناء: تثبيته، ورفعه، ومعنى تأسيسه على التقوى: تأسيسه على الخصال التي تُتَّقَى بها العقوبة. انتهى (١).

وقوله: "من أول يوم" متعلق بـ "أُسِّس"؛ أي: أسس على التقوى من أول يوم من أيام تأسيسه، فـ "مِن" لابتداء الغاية في الزمان، كما في قول الشاعر [من الطويل]:

تُخُيِّرْنَ مِنْ أَزْمَانِ يَوْمِ حَلِيمَةٍ … إِلَى الْيَوْمِ قَدْ جُرِّبْنَ كُلَّ التَّجَارِبِ

وقيل: "من" بمعنى "في".

(قَالَ) عبد الرحمن (قَالَ أَبِي) أي: أبو سعيد - رضي الله عنه - (دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ) قال صاحب "التنبيه": لا أعرفها. انتهى (٢). (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ! أيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - مجيبًا عن سؤال أبي سعيد - رضي الله عنه -، وقوله: (فَأخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ، فَضَرَبَ بِهِ (٣) الْأَرْضَ) جملة معترضة بين القول ومقوله، وقوله: (ثُمَّ قَالَ) تأكيد لـ "قال" الأول؛ أعاده لطول الفصل، نظير قوله تعالى: {وَلَمَّا جَاءَهُمْ كِتَابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَهُمْ وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ} الآية [البقرة: ٨٩] ("هُوَ) أي: المسجد الذي أُسّس على التقوى (مَسْجِدُكُمْ هَذَا") أي: المسجد النبويّ، كما بيّنه الراوي بقوله: (لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ) متعلِّق بمحذوف؛ أي: قال هذا لمسجد المدينة النبويّة (قَالَ) أبو سلمة (فَقُلْتُ: أَشْهَدُ أَنِّي سَمِعْتُ أَبَاكَ) أي: أبا سعيد الخدريّ - رضي الله عنه - (هَكَذَا يَذْكُرُهُ) أي: مثل هذا الذي ذكرتَ عنه لي ذكره لي.

وقد أخرج هذا الحديث أحمد، والترمذيّ، والنسائيّ، قال الإمام أحمد - رحمه الله - ٣/ ٨٩: حدّثنا موسى بن داود، حدثنا ليث (٤)، عن عمران بن أبي أنس، عن سعيد بن أبي سعيد الخدريّ، قال: تمارى رجلان في المسجد الذي أُسِّس على التقوى من أول يوم، فقال أحدهما: هو مسجد قباء، وقال الآخر:


(١) "فتح القدير" ٢/ ٤٠٣.
(٢) "تنبيه المعلم" ص ٢٣١.
(٣) وفي نسخة: "بها".
(٤) هو ابن سعد الإمام المصريّ المشهور.