للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لكن في حقّ من يتأتّى منه النسل، كما تقدّم. انتهى كلام الحافظ - رحمه الله - ببعض تصرّف (١).

قال الجامع عفا الله تعالى منه: قد تبيّن بما سبق من الأدلّة أن أرجح الأقوال قول من قال بوجوب النكاح لمن استطاع عليه، وتاقت إليه نفسه، وخاف الْعَنَت؛ عملًا بظاهر الأمر الذي في حديث الباب، ومن عداه فيستحبّ له؛ عملًا بأحاديث الترغيب فيه، كما مرّ ذكرها آنفًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

[تنبيه]: قال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: لم يقل أحد بوجوبه على النساء، وقد صرّح بذلك ابن حزم، فقال: وليس ذلك فرضًا على النساء؛ لقوله تعالى: {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا} الآية [النور: ٦٠]. قال أبو إسحاق الشيرازيّ، صاحب "التنبيه": إن النكاح للنساء مستحبّ عند الحاجة، ومكروه عند عدمها، وقال الشيخ عماد الدين الزنجانيّ في "شرح الوجيز" المسمّى بـ "الموجز": لم يتعرّض الأصحاب للنساء، والذي يغلب على الظنّ أن النكاح في حقّهنّ أولى مطلقًا؛ لأنهنّ يحتجن إلى القيام بأمورهنّ، والتستّر عن الرجال، ولم يتحقّق في حقّهنّ الضرر الناشئ من النفقة. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله الزنجانيّ - رحمه الله - حسنٌ جدًّا، وأما قول الشيرازي بالكراهة عند عدم الحاجة فمما لا يؤيّده دليل، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال:

[٣٤٠٠] (. . .) - (حَدَّثَنَا عُثْمَانُ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَن الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عَلْقَمَةَ، قَالَ: إِنِّي لَأَمْشِي مَعَ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ بِمِنًى، إِذْ لَقِيَهُ عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ، فَقَالَ: هَلُمَّ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ: فَاسْتَخْلَاهُ، فَلَمَّا رَأَى عَبْدُ اللهِ أَنْ لَيْسَتْ لَهُ حَاجَةٌ، قَالَ: قَالَ لِي: تَعَالَ يَا عَلْقَمَةُ، قَالَ: فَجِئْتُ، فَقَالَ لَة عُثْمَانُ:


(١) "الفتح" ١١/ ٣٢٤ - ٣٢٦.