للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

كأنهم تقالُّوها، فقالوا: وأين نحن من النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قد غُفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر. . ." الحديث.

قال في "الفتح": ولا منافاة بين الروايتين، فالرهط من ثلاثة إلى عشرة، والنفر من ثلاثة إلى تسعة، وكلّ منهما اسم جمع، لا واحد له من لفظه، ووقع في مرسل سعيد بن المسيّب عند عبد الرزّاق أن الثلاثة المذكورين هم: عليّ بن أبي طالب، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وعثمان بن مظعون، وعند ابن مردويه من طريق الحسن الْعَدَنيّ: "كان عليّ في أناس ممن أرادوا أن يحرموا الشهوات، فنزلت آية المائدة"، ووقع في "أسباب النزول" للواحديّ بغير إسناد: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكَّرَ الناسَ، وخوّفهم، فاجتمع عشرة من الصحابة - وهم: أبو بكر، وعمر، وعليّ، وابن مسعود، وأبو ذرّ، وسالم مولى أبي حُذيفة، والمقداد، وسلمان، وعبد الله بن عمرو بن العاص، ومعقل بن مُقَرِّن - في بيت عثمان بن مظعون، فاتفقوا على أن يصوموا النهار، ويقوموا الليل، ولا يناموا على الفُرُش، ولا يأكلوا اللحم، ولا يقربوا النساء، ويَجُبُّوا مذاكيرهم"، فإن كان هذا محفوظًا احتَمَل أن يكون الرهط الثلاثة هم الذين باشروا السؤال، فنُسب ذلك إليهم بخصوصهم تارة، ونُسب للجميع لاشتراكهم في طلبه.

ويؤيّد أنهم كانوا أكثر من ثلاثة في الجملة ما روى مسلم من طريق زُرارة بن أوفى، عن سعد بن هشام؛ أنه قدم المدينة، فأراد أن يبيع عقاره، فيجعله في سبيل الله، ويجاهد الروم حتى يموت، فلقي ناسًا بالمدينة، فنَهَوْه عن ذلك، وأخبروه أن رهطًا ستةً أرادوا ذلك في حياة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فنهاهم، فلما حدّثوه ذلك راجع امرأته، وكان قد طلّقها. يعني بسبب ذلك.

قال الحافظ - رحمه الله -: لكن في عَدّ عبد الله بن عمرو معهم نظرٌ؛ لأن عثمان بن مظعون - رضي الله عنه - مات قبل أن يهاجر عبد الله فيما أحسب. انتهى.

(عَنْ عَمَلِهِ فِي السِّرِّ) أي: فيما لا يطّلع عليه إلا أزواجه رضي الله عنهنّ (فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا أَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ (١)، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا آكُلُ اللَّحْمَ، وَقَالَ


(١) قال صاحب "التنبيه": الظاهر أنه عثمان بن مظعون، قلته تفقّهًا، وقال شيخنا: إنه هو. انتهى.