٥ - (ومنها): أن من عزم على عمل برّ، واحتاج إلى إظهاره حيث يأمن الرياء لم يكن ذلك ممنوعًا.
٦ - (ومنها): تقديم الحمد، والثناء على الله تعالى عند إلقاء مسائل العلم، وبيان الأحكام للمكلّفين، وإزالة الشبهة عن المجتهدين.
٧ - (ومنها): أن المباحات قد تنقلب بالقصد إلى الكراهة، والاستحباب.
٨ - (ومنها): ما قاله الطبريّ: إن فيه الردّ على من منع استعمال الحلال من الأطعمة والملابس، وآثر غليظ الثياب، وخشن المأكل، قال عياض: هذا مما اختَلَف فيه السلف، فمنهم من نحا إلى ما قاله الطبريّ، ومنهم من عكس، واحتجّ بقوله تعالى:{أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا} الآية [الأحقاف: ٢٠]، قال: والحقّ أن هذه الآية في الكفّار، وقد أخذ النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بالأمرين.
قال الحافظ: لا يدلّ ذلك لأحد الفريقين، إن كان المراد المداومة على إحدى الصفتين، والحقّ أن ملازمة استعمال الطيّبات تُفضي إلى الترفّه، والبطر، ولا يأمن من الوقوع في الشبهات؛ لأن من اعتاد ذلك قد لا يجده أحيانًا، فلا يستطيع الانتقال عنه، فيقع في المحظور، كما أن منع تناول ذلك أحيانًا يفضي إلى التنطّع المنهيّ عنه، ويردّ عليه صريح قوله تعالى:{قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ} الآية [الأعراف: ٣٢]. كما أن الأخذ بالتشديد في العبادة يفضي إلى الملل القاطع لأصلها، وملازمة الاقتصار على الفرائض مثلًا، وترك التنفّل يفضي إلى إيثار البطالة، وعدم النشاط إلى العبادة، وخير الأمور الوسط، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إني لأخشاكم لله" مع ما انضمّ إليه إشارةٌ إلى ذلك. انتهى.
٩ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أن العلم بالله، ومعرفة ما يجب من حقّه أعظم قدرًا من مجرّد العبادة البدنيّة، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال: