للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٦ - (ومنها): أن صحابيّه - رضي الله عنه - من مشاهير الصحابة - رضي الله عنهم -، وقد مضى الكلام فيه قريبًا.

شرح الحديث:

(عَنْ قَيْسِ) بن أبي حازم، مخضرمٌ، قَدِمَ المدينة بعدما قُبِض النبيّ - صلى الله عليه وسلم -؛ أنه (قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللهِ يَقُولُ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِي) أي: نَخْصِي أنفسنا، ونستغني عن النساء، والاسم الْخِصَاء ممدودًا، وهو سَلُّ الأنثيين، وإخراجهما، وقال الكسائيّ: الْخِصْيتان البيضتان، والْخِصْيان الجلدتان عليهما، قاله في "المشارق" (١).

وقال في "الفتح": قوله: "ألا نستخصي"؛ أي: ألا نستدعي من يَفعل بنا الْخِصاء، أو نعالج ذلك بأنفسنا. انتهى (٢).

(فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ) أي: عن الاستخصاء، فدلّ على أنه حرام في الآدميّ صغيرًا كان أو كبيرًا؛ لأن فيه تغيير خلق الله تعالى، ولما فيه من قطع النسل، وتعذيب الحيوان، قال البغويّ: وكذا كل حيوان لا يؤكل، وأما المأكول فيجوز في صغره، ويحرُم في كبره. انتهى (٣).

وقال في "الفتح": قوله: "فنهانا عن ذلك": هو نهي تحريم بلا خلاف في بني آدم؛ لما فيه من المفاسد، من تعذيب النفس، والتشويه، مع إدخال الضرر الذي قد يُفضي إلى الهلاك، وفيه إبطال معنى الرجولية، وتغيير خلق الله، وكفر النعمة؛ لأن خلق الشخص رجلًا من النعم العظيمة، فإذا أزال ذلك فقد تشبّه بالمرأة، واختار النقص على الكمال.

قال القرطبيّ - رحمه الله -: الخصاء في غير بني آدم ممنوع في الحيوان إلا لمنفعة حاصلة في ذلك، كتطييب اللحم، أو قطع ضرر عنه.

وقال النوويّ: يَحْرُم خصاء الحيوان غير المأكول مطلقًا، وأما المأكول فيجوز في صغيره دون كبيره، وما أظنه يدفع ما ذكره القرطبيّ من إباحة ذلك


(١) "مشارق الأنوار" ١/ ٢٤٣.
(٢) "الفتح" ١١/ ٣٣٨.
(٣) راجع: "عمدة القاري" ٢٠/ ٧١.