للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حارثة الأنصاريّ، أبو الرجال (١)، أو أبو عبد الرحمن المدنيّ، ثقةٌ [٥] تقدّم في "صلاة المسافرين وقصرها" ٤٦/ ١٨٩٠.

وقوله: (مَهْلًا) وفي رواية أبي عوانة: "فقال له ابن أبي عمرة الأنصاريّ: مهلًا يا ابن عباس".

و"مَهْلًا": منصوب على المصدريّة لعامل محذوف؛ أي: أَمْهِل في فتواك هذا، ولا تعجل فيه، قال المجد - رحمه الله -: الْمَهْلُ بالفتح، ويُحرَّك، والْمُهْلة بالضمّ: السكينة، والرفق، وأمهله: رَفَقَ به، ومَهَّله تمهيلًا: أجّله، وتَمَهَّل: اتَّأَدَ، ويقال: مَهْلًا يا رجلُ، وكذا للأنثى، والجمعِ، بمعنى أَمْهِلْ، وتقول: مُجيبًا لمن قال لك: مَهَلًا: لَا مَهْلَ والله، ولا تقول: لا مهلًا والله، وتقول: ما مَهْلٌ والله بمغنيةٍ عنك. انتهى (٢).

(قَالَ)؛ أي: الرجل المفتي، وهو ابن عبّاس - رضي الله عنهما -، كما أسلفته آنفًا (مَا هِيَ) "ما" استفهاميّة، و"هي" ضمير القصّة، أي: أيّ شيء القصّة التي تمنعني عن هذا الفتوى، والاستفهام للإنكار، بدليل قوله: (وَاللهِ لَقَدْ فُعِلَتْ) بالبناء للمفعول، والضمير للمتعة (فِي عَهْدِ إِمَامِ الْمُتَّقِينَ) هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

وفي رواية أبي عوانة: "قال ابن عباس: أَمَّا هي، والله لقد فُعِلَت في عهد إمام المتقين".

وغرض ابن عبّاس - رضي الله عنهما - بهذا الإنكار على ابن أبي عمرة في إنكاره عليه فتواه المذكورة؛ أي: كيف تنكر عليّ، وقد فعلها الناس في عهده - صلى الله عليه وسلم - بأمره؟ وقد صدق ابن عبّاس - رضي الله عنهما - في ذلك، ولكن الحقّ مع ابن أبي عمرة؛ لأنه متمسّك بالنسخ الثابت عنه - صلى الله عليه وسلم -، كما بيّن ذلك بقوله: (قَالَ ابْنُ أَبِي عَمْرَةَ: إِنَّهَا كَانَتْ رُخْصَةً) وفي رواية أبي عوانة: قال ابن أبي عمرة: "يا أبا عباس إنها كانت رخصة. . ." (فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ، لِمَن اضْطُرَّ إِلَيْهَا)؛ أي: لمن احتاج


(١) "أبو الرجال" بكسر الراء، وتخفيف الجيم مشهور بهذه الكنية، وهي لقب بصورة الكنية؛ لأن له عشرة من الأولاد الذكور، و"عمرة" أمه، وهي عمرة بنت عبد الرحمن الأنصاريّة.
(٢) "القاموس المحيط" ٤/ ٥٢ - ٥٣.