للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمصريين من أوله إلى آخره.

٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعيّ.

شرح الحديث:

(عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ) بكسر الشين (أَنَّهُ سَمِعَ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ) - رضي الله عنه - (عَلَى الْمِنْبَرِ) متعلّق بحال مقدّر، أي حال كونه كائنًا على المنبر يخطب الناس (يَقُولُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "الْمُؤْمِنُ أَخُو الْمُؤْمِنِ) أي في الدين، وهو بمعنى قول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ} [الحجرات: ١٠]، وإذا كان أخاه، فينبغي أن يعاشره معاشرة الإخوة في التحابّ، والتصافي، وتجنب التجافي، قال الزين العراقيّ - رحمه الله -: وهذه الأُخوّة دون الأُخوّة التي آخاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين أصحابه حين قدم المدينة، ولهذه الأُخُوّة مزية على أُخُوّة الإسلام (١).

(فَلَا يَحِلُّ) الفاء فصيحيّة، أي إذا كان أخًا للمؤمن، فلا يحلّ (لِلْمُؤْمِنِ أَنْ يَبْتَاعَ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ وَلَا يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ) قال الحافظ العراقيّ - رحمه الله -: هذا ظاهرٌ في اختصاص ذلك بخطبة المسلم، وقال الجمهور: تَحْرُم الْخِطبة على خِطبة الكافر أيضًا، قال النوويّ: ولهم أن يجيبوا عن الحديث بأن التقييد بـ "أخيه" خرج على الغالب، فلا يكون له مفهوم يُعمَل به، كما في قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ}، وقوله تعالى: {وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}، ونظائره. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم لك أن ما دلّ عليه ظاهر الحديث من التقييد بالمسلم هو الأرجح، فتفطّن، والله تعالى أعلم.

وقوله: (حَتَّى يَذَرَ") أي يترك، وهو مضارع وَذِرْتُهُ أَذَرُهُ، كَوَسِعَهُ يَسَعُهُ، وَذْرًا، قالوا: وأماتت العرب ماضيه، ومصدره، فإذا أريد الماضي قيل: ترك، ورُبّما استُعمل الماضي على قلّة، ولا يُستعمل منه اسم فاعل (٣).

قال وليّ الدين - رحمه الله -: وقوله: "حتى يَذَرَ" يعود للجملتين معًا، كما هو مقتضى قاعدة الشافعيّ - رحمه الله -، وقد ورد التصريح به في "سنن البيهقيّ"، قال


(١) وقوله في: "فيض القدير" ٦/ ٢٥٦.
(٢) "طرح التثريب في شرح التقريب" ٦/ ٨٢.
(٣) "المصباح المنير" ٢/ ٦٥٤ بزيادة من "القاموس".