للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الحافظ: والرواية التي ذكرتها عن الطبرانيّ ترفع الإشكال، وتوجّه الجمع المذكور، والله أعلم.

وقد أخرج الإسماعيليّ من طريق عبد الله بن محمد بن يحيى، عن هشام، عن أبيه "أنه كتب إلى الوليد: إنك سألتني متى توفّيت خديجة؟ وإنها توفّيت قبل مخرج النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من مكّة بثلاث سنين، أو قريب من ذلك، نكح النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عائشة بعد مُتَوَفَّى خديجة، وعائشةُ بنت ستّ سنين، ثم إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - بنى بها بعد ما قدم المدينة، وهي بنت تسع سنين"، وهذا السياق لا إشكال فيه، ويرتفع به ما تقدّم من الإشكال أيضًا، والله أعلم.

وإذا ثبت أنه بنى بها في شوّال من السنة الأولى من الهجرة قوِيَ قولُ من قال: إنه دخل بها بعد الهجرة بسبعة أشهر، وقد وهّاه النوويّ في "تهذيبه"، وليس بواهٍ إذا عددناه من ربيع الأول، وجزمه بأن دخوله بها كان في السنة الثانية يُخالف ما ثبت أنه دخل بها بعد خديجة بثلاث سنين.

وقال الدمياطيّ في "السيرة" له: ماتت خديجة في رمضان، وعقد على سودة في شوّال، ثم على عائشة، ودخل بسودة قبل عائشة. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قد تحرر بما سبق أنه - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة قبل سودة، ودخل بسودة قبل عائشة - رضي الله عنها -، وهذا هو الجمع السديد، والله تعالى أعلم بالصواب.

(قَالَتْ) عائشة - رضي الله عنها - (فَقَدِمْنَا) بكسر الدال (الْمَدِينَةَ، فَوُعِكْتُ شَهْرًا) ببناء الفعل للمفعول، أي أصابني الْوَعْك، وهو أَلَمُ الْحُمَّى، قال المجد - رحمه الله -: الْوَعْكُ: سكون الريح، وشِدّة الحرّ، كالْوَعْكة، وأذى الْحُمى، ووَجَعها، ومَغْثُهَا في البدن، وأَلَمٌ من شِدّة التعب، ورجلٌ وَعْكٌ - بفتح، فسكون - ووَعِكٌ - بفتح، فكسر - ومَوعُوكٌ. انتهى (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قولها: "فوُعكت شهرًا": أي مرضت بالحمَّى، وكان هذا في أوّل قدومهم المدينة في الوقت الذي وُعِك فيه أبو بكر - رضي الله عنه -، وقبل أن


(١) "الفتح" ٧/ ٦٢٩ - ٦٣٠ "كتاب مناقب الأنصار".
(٢) "القاموس المحيط" ٣/ ٣٢٣.