في شيء من طرق هذا الحديث وقوع حمد، ولا تشهّد، ولا غيرهما من أركان الخطبة، وخالف في ذلك الظاهريّة، فجعلوها واجبةً، ووافقهم من الشافعيّة أبو عوانة، فترجم في "صحيحه": "باب وجوب الخطبة عند العقد".
١٦ - (ومنها): أن الكفاءة في الحرّيّة، وفي الدِّين، وفي النسب، لا في المال؛ لأن الرجل لا شيء له، وقد رضيت به، كذا قال ابن بطّال. قال الحافظ: وما أدري من أين له أن المرأة كانت ذات مال. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الصحيح أنه لا يشترط اعتبار النسب في الكفاءة، وإنما المعتبر هو الدِّين، وقد استوفيت تحقيقه في غير هذا المحلّ.
١٧ - (ومنها): أن طالب الحاجة لا ينبغي له أن يُلحّ في طلبها، بل يطلبها برفق، وتأنّ، ويدخل في ذلك طالب الدنيا والدين، من مستفتٍ، وسائلٍ، وباحثٍ عن علم.
١٨ - (ومنها): أن الفقير يجوز له أن يتزوّج مَن علمت بحاله، ورضيت به، إذا كان واجدًا للمهر، وكان عاجزًا عن غيره من الحقوق؛ لأن المراجعة وقعت في وجدان المهر وفقده، لا في قدر زائد. قاله الباجيّ.
وتُعُقّب باحتمال أن يكون النبيّ - صلى الله عليه وسلم - اطَّلَع من حال الرجل على أنه يقدر على اكتساب قوته، وقوت امرأته، ولا سيما مع ما كان عليه أهل ذلك العصر من قلّة الشيء، والقناعة باليسير، هكذا ذكر في "الفتح".
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما قاله الباجيّ هو ظاهر الحديث، فلا وجه للتعقّب، والله تعالى أعلم.
١٩ - (ومنها): ما قيل: إنه يدلّ على صحّة النكاح بغير شهود.
ورُدّ بأن ذلك وقع بحضرة جماعة من الصحابة، كما تقدم في أول الحديث، وقال ابن حبيب: هو منسوخ بحديث: "لا نكاح إلا بوليّ، وشاهدي عدل"، وتُعُقّب.