للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يشارك مالكًا في الرواية عن نافع، وتفرد عنه بهذا الحديث، وبغيره، وهو من الثقات الأثبات، قال الدارقطنيّ بعد أن أخرجه من طريقه: صحيحٌ، غريبٌ، تفرّد به جُويرية، عن مالك، قال الحافظ: ولم أره إلا من رواية ابن أخيه عبد الله بن محمد بن أسماء، عنه. انتهى (١).

وقوله: (عَنْ مَالِكٍ، عَن الزُّهْرِيِّ، عَن ابْنِ مُحَيْرِيزٍ. . . إلخ) قال في "الفتح": وافق مالكًا على هذا السند شعيب، عند البخاريّ في "البيوع"، ويونس عنده أيضًا في "القدر"، وعُقيل، والزُّبَيديّ، كلاهما عند النسائيّ، وخالفهم معمر، فقال: عن الزهريّ، عن عطاء بن يزيد، عن أبي سعيد، أخرجه النسائيّ، وخالف الجميع إبراهيم بن سعد، فقال: عن الزهريّ، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي سعيد، أخرجه النسائيّ أيضًا، قال النسائيّ: رواية مالك، ومن وافقه أولى بالصواب. انتهى (٢).

وقوله: (فَكُنَّا نَعْزِلُ) وتقدّم بلفظ: "فأردنا أن نستمتع، ونعزل"، قال القرطبيّ - رحمه الله -: يعني أن منهم من وقج سؤاله قبل أن يعزل، ومنهم من وقع سؤاله بعد أن عَزَلَ، وَيحْتَمِل أن يكون معنى قوله: "كنا نعزل" أي عزمنا على ذلك، فيرجع معناه إلى الأول. انتهى (٣).

وقوله: ("وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟، وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟، وَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ؟) قال القرطبيّ - رحمه الله -: ظاهره الإنكار والزجر، غير أنه يضعّفه قوله: "ما من نسمة كائنة إلا وهي كائنة" على ما قرّرناه آنفًا، فإذًا معناه: الاستبعاد لفعلهم له، بدليل ما جاء في الرواية الأخرى: "ولمَ يَفْعَلُ ذلك أحدكم؟ "، قال الراوي: ولم يقل: فلا يفعل ذلك أحدكم، ففُهم أنه ليس بنهي، وهو أعلم بالمقال، وأقعد بالحال، انتهى (٤).

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى قبل حديث، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "الفتح" ١١/ ٦٤٥.
(٢) "الفتح" ١١/ ٦٤٥ - ٦٤٦.
(٣) "المفهم" ٤/ ١٦٦.
(٤) "المفهم" ٤/ ١٦٧ - ١٦٨.