والمعنى: لعله يريد أن يطأها، مع كونها حاملًا مَسبيةً، لا يحل جماعها حتى تضع (فَقَالُوا: نَعَمْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: "لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ) قال القرطبيّ - رحمه الله -: هذا وعيد شديد على وطء الحبالى حتى يضعن، وهو دليلٌ على تحريم ذلك مطلقًا، سواءٌ كان الحمل من وطء صحيح، أو فاسد، أو زنى، فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يَستفصل عن سبب الحمل، ولا ذَكر أنه يختلف حكمه، وهذا موضع لا يصحّ فيه تأخير البيان، وإلى الأخذ بظاهر هذا ذهب جماهير العلماء، غير أن القاضي عياض قال في المرأة تزني، فتحمل، ويتبيّن حملها: أن أشهب أجاز لزوجها وطأها، قال: وكرهه مالك وغيره من أصحابه، قال: فاتّفقوا على كراهته ومنعه من وطئها في ماء الزنى ما لم يتبيّن الحمل، وهذا الذي حكاه عن أشهب يردّه هذا الحديث، قال: وكراهة مالك لذلك بمعنى التحريم، والله تعالى أعلم.
قال: وإنما لم يوقع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ما هَمَّ به من اللعن؛ لأنه ما كان بعدُ تقدّم في ذلك بشيء، وأما بعدَ أن تقدّم هذا الوعيد، وما في معناه، ففاعل ذلك متعرّضٌ لِلَعن يدخل معه قبره، ويُدخله جهنّم. انتهى (١).
(كَيْفَ يُوَرِّثُهُ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ، وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ؟ ") قال النوويّ - رحمه الله -: معناه: أنه قد تتأخر ولادتها ستة أشهر، حيث يَحْتَمِل كون الولد من هذا السابي، ويُحْتَمَل أنه كان ممن قبله، فعلى تقدير كونه من السابي، يكون ولدًا له، ويتوارثان، وعلى تقدير كونه من غير السابيّ، لا يتوارثان هو ولا السابي؛ لعدم القرابة، بل له استخدامه؛ لأنه مملوكه.
فتقدير الحديث: أنه قد يستلحقه، ويجعله ابنًا له، ويُوَرِّثه، مع أنه لا يحل له توريثه؛ لكونه ليس منه، ولا يحل توارثه، ومزاحمته لباقي الورثة، وقد يستخدمه استخدام العبيد، ويجعله عبدًا يتملكه مع أنه لا يحل له ذلك؛ لكونه منه إذا وضعته لمدة مُحْتَمِلةٍ كونَهُ من كل واحد منهما، فيجب عليه الامتناع من وطئها؛ خوفًا من هذا المحظور، فهذا هو الظاهر في معنى الحديث.
وقال القاضي عياض: معناه الإشارة إلى أنه قد يَنمي هذا الجنين بنطفة