للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"صحيحه" (٤١٩٦)، و (الطبرانيّ) في "الكبير" (٢٤/ ٥٣٤ - ٥٣٥)، و (الطحاويّ) في "مشكل الآثار" (٤/ ٢٨٩ و ٩/ ٢٨٩ و ٢٩٢)، و (البيهقيّ) في "الكبرى" (٧/ ٤٦٥)، و (البغويّ) في "شرح السنّة" (٢٢٩٨)، والله تعالى أعلم.

(المسألة الثالثة): في فوائده:

١ - (منها): بيان حكم الغِيلة، وهو الجواز، حيث إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم ينه عنه، وبيّن سبب ترك النهي.

٢ - (ومنها): بيان جواز الاجتهاد لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وبه يقول جمهور الأصوليين، وقيل: لا يجوز؛ لتمكّنه من الوحي، قال النوويّ - رحمه الله -: والصواب الأول.

٣ - (ومنها): أن فيه إباحة التحدّث عن الأمم الأخرى بما يفعلون.

٤ - (ومنها): ما قاله الحافظ ابن عبد البرّ - رحمه الله -: فيه دليلٌ على أن من نهيه - صلى الله عليه وسلم - ما يكون أدبًا، ورفقًا، وإحسانًا إلى أمته ليس من باب الديانة، ولو نهى عن الغِيلة كان ذلك وجه نهيه عنها. انتهى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): قال أبو عبد الله القرطبيّ - رحمه الله -: وقد يَستَدِل بهذا (١) مَن يمنع العزل؛ لأن الوأد يرفع الموجود والنسل، والعزل منع أصل النسل، فتشابها، إلا أن قتل النفس أعظم وزرًا، وأقبح فعلًا، ولذلك قال بعض علمائنا: إنه يُفْهَم من قوله - صلى الله عليه وسلم - في العزل: "ذلك الوأد الخفيّ" الكراهةَ، لا التحريم، وقال به جماعة من الصحابة، وغيرهم، وقال بإباحته أيضًا جماعة من الصحابة، والتابعين، والفقهاء؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا عليكم ألا تفعلوا، فإنما هو القدر"، أي ليس عليكم جناح في ألا تفعلوا، وقد فَهِم منه الحسن، ومحمد بن المثنى (٢) النهي والزجر عن العزل، والتأويل الأول أولى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وإذا


(١) يعني قوله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ} الآية [الأنعام: ١٥١].
(٢) هكذا النسخة، وقد تقدَّم مثله، والظاهر أن الصواب "ومحمد بن سيرين"؛ لأنه الذي ثبت في "صحيح مسلم"، وغيره، وأما ابن المثنى، فلم يُنقل عنه، فيما علمت، والله تعالى أعلم.