للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القُعيس، قال النوويّ - رحمه الله -: قال الحفّاظ: الصواب أفلح أخو أبي القعيس، وهي الرواية التي كرّرها مسلم في أحاديث الباب، وهي المعروفة في كتب الحديث وغيرها أن عمها من الرضاعة هو أفلح أخو أبي الْقُعيس، وكنية أفلح أبو الْجَعْد، والْقُعَيس بضمّ القاف، وفتح العين، وبالسين المهملة. انتهى (١).

وقوله: (فَذَكَرَ بِمَعْنَى حَدِيثِ مَالِكٍ) فاعل "ذَكَرَ" ضمير سفيان بن عيينة.

وقوله: ("تَرِبَتْ يَدَاكِ، أَوْ يَمِينُكِ") "أو" هنا للشكّ من الراوي، ومعنى "تَرَبت إلخ" أي افتقرت، ولَصِقت بالتراب، يقال: تَرِبَ الرجل يَتْرَبُ، من باب تَعِبَ: افتقر، كأنه لَصِق بالتراب، فهو تَرِبٌ، وأترب بالألف لغة، ومعنى "تربت يداك" هذه من الكلمات التي جاءت عن العرب، صورتها دعاءٌ، ولا يُراد بها الدعاء، بل المراد الحثّ والتحريض، قاله الفيّوميّ - رحمه الله - (٢).

وقال ابن الأثير - رحمه الله -: يقال: تَرِبَ الرجلُ: إذا افتقر، أي لصق بالتراب، وأترب: إذا استغنى، وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب، لا يريدون بها الدعاء على المخاطَب، ولا وقوع الأمر به، كما يقولون: قاتله الله، وقيل: معناها: لله دَرُّك، وقيل: أراد به الْمَثَلَ؛ ليرى المأمور بذلك الجِدّ، وأنه إن خالفه فقد أساء، وقال بعضهم: هو دعاءٌ على الحقيقة، والأول الوجه، وكثيرًا تَرِد للعرب ألفاظٌ ظاهرها الذمّ، وإنما يريدون بها المدح، كقولهم: لا أبَ لك، ولا أُمّ لك، وهَوَتْ أمه، ولا أَرْضَ لك، ونحو ذلك. انتهى (٣).

والحاصل أنه إنما قال - صلى الله عليه وسلم -: "تربت يداك"؛ إظهارًا لكراهة ذكر هذا الكلام، فإنه من المعلوم أن المرأة هي تُرضع، لا الرجل، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: رواية سفيان بن عيينة، عن الزهريّ هذه ساقها ابن ماجه - رحمه الله - في "سننه" بسند المصنّف ٦/ ٧٨ فقال:

(١٩٣٨) - حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا سفيان بن عيينة، عن الزهريّ، عن عروة، عن عائشة، قالت: أتاني عمي من الرضاعة، أفلح بن أبي قعيس، يستأذن عليّ بعدما ضُرب الحجاب، فأبيت أن آذن له، حتى دخل عليّ


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٢١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٧٣.
(٣) "النهاية في الحديث والأثر" ١/ ١٨٤ - ١٨٥.