(عَنْ عَائِشَةَ) - رضي الله عنها - أنها (قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) وقوله: (وَقَالَ سُوَيْدٌ، وَزُهَيْرٌ) أشار به إلى أن شيخيه سُويد، وزُهير خالفا ابن نُمير، فقالا:"إن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -" بدل قوله: "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ومثل هذا الاختلاف، وإن كان لا يضرّ؛ لعدم اختلاف الغرض منه، إلا أنه وقع فيه اختلاف بين العلماء، قال في "التقريب" وشرحه "التدريب": قال الشيخ ابن الصلاح - رحمه الله -: الظاهر أنه لا يجوز تغيير "قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -" إلى "قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -"، ولا عكسه، وإن جازت الرواية بالمعنى، وكان أحمد بن حنبل - رحمه الله - إذا كان في الكتاب "عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، وقال المحدث:"رسول الله" ضَرَبَ، وكَتَبَ "رسول الله"، وعلَّل ابن الصلاح ذلك بقوله: لاختلافه، أي اختلاف معنى النبيّ والرسول؛ لأن الرسول من أُوحي إليه للتبليغ، والنبيّ من أوحي إليه للعمل فقط، قال النوويّ: والصواب - والله أعلم - جوازه؛ لأنه وإن اختلف معناه في الأصل، لا يختلف به هنا معنًى؛ إذ المقصود نسبة القول لقائله، وذلك حاصل بكلّ من اللفظين، قال: وهو مذهب أحمد بن حنبل، كما سأله ابنه صالح عنه، فقال: أرجو أن لا يكون به بأس، وما تقدم عنه محمول على استحباب اتباع اللفظ، دون اللزوم، ومذهب حماد بن سلمة، والخطيب.
وبعضهم استَدَلّ للمنع بحديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - في الدعاء عند النوم (١)، وفيه:"ونبيّك الذي أرسلت"، فأعاده على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال:"ورسولك الذي أرسلت"، فقال:"لا، ونبيّك الذي أرسلت".
(١) هو ما أخرجه الشيخان في "صحيحيهما" عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال: قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أتيت مضجعك، فتوضأ وضوءك للصلاة، ثم اضطجع على شقك الأيمن، ثم قل: اللهم أسلمت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك؛ رغبةً ورهبةً إليك، لا ملجأ، ولا منجا منك إلا إليك، اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مِتَّ من ليلتك فأنت على الفطرة، واجعلهن آخر ما تتكلم به"، قال: فرددتها على النبيّ - صلى الله عليه وسلم -"، فلما بلغت: "اللهم آمنت بكتابك الذي أنزلت" قلت: ورسولك، قال: "لا، ونبيّك الذي أرسلت"، انتهى.