قال النوويّ: وهذا احتجاج باطلٌ؛ لأنه على تقدير أن يكون من الزنا، فهو أجنبيّ من سودة لا يحلّ لها أن تظهر له سواء ألحق بالزاني، أم لا، فلا تعلّق له بمسألة البنت المخلوقة من الزنا.
قال الحافظ: كذا قال، وهو ردّ للفرع بردّ الأصل، وإلا فالبناء الذي بَنَوْه صحيحٌ.
وقد أجاب الشافعيّة عنه بما تقدّم أن الأمر بالاحتجاب للاحتياط، ويُحْمَل الأمر في ذلك إما على الندب، وإما على تخصيص أمهات المؤمنين بذلك، فعلى تقدير الندب، فالشافعيّ قائل به في المخلوقة من ماء الزنا، فيُجيز عند فقد الشبه، ويمنع عند وجوده، قاله في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: ما ذهب إليه مالك والشافعي من أنه لا أثر لوطء الزنا هو الراجح عندي، وقد صح عن عليّ، وابن عباس، وغيرهما أنهم قالوا: إن الحرام لا يُحَرِّمُ الحلال، وأما أمره - صلى الله عليه وسلم - سودة - رضي الله عنها - بالاحتجاب فمن باب الاحتياط، ولأن أمهات المؤمنين - رضي الله عنهنّ - لسن كغيرهنّ من النساء، فيشدد عليهنّ ما لا يشدد على غيرهنّ، كما قال الله تعالى:{يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} الآية [الأحزاب: ٣٢]، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج - رحمه الله - المذكور أولَ الكتاب قال: