للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

جمهور المتكلمين في شرح هذا الحديث قوله - صلى الله عليه وسلم -: "تلاعبها" على اللعب المعروف، ويؤيِّده: "تضاحكها، وتضاحكك"، وقال بعضهم: يَحْتَمِل أن يكون من اللِّعَاب، وهو الريق. انتهى (١).

وقال في "الفتح": وأما ما وقع في رواية محارب بلفظ: "ما لك وللعَذَارَى ولِعَابها"، فقد ضبطه الأكثر بكسر اللام، وهو مصدر من الملاعبة أيضًا، يقال: لاعب لِعابًا وملاعبة، مثل: قاتل قتالًا ومقاتلةً، كما قال في "الخلاصة":

لِفَاعَلَ الْفِعَالُ وَالْمُفَاعَلَهْ

ووقع عند البخاريّ في رواية المستملي بضمّ اللام، والمراد به الريق، وفيه إشارةٌ إلى مصّ لسانها، ورَشف شفتيها، وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل، وليس هو ببعيد، كما قال القرطبيّ (٢).

ويؤيّد أنه بمعنى آخر غير المعنى الأول قول شعبة: إنه عرَضَ ذلك على عمرو بن دينار، فقال اللفظ الموافق للجماعة.

وفي رواية لمسلم التلويح بإنكار عمرو رواية مُحارب بهذا اللفظ، ولفظه: "إنما قال جابرٌ: تلاعبها وتلاعبك"، فلو كانت الروايتان متّحدتين في المعنى لَمَا أنكر عمرو ذلك؛ لأنه كان ممن يُجيز الرواية بالمعنى، أفاده في "الفتح" (٣).

وقوله: (قَالَ شُعْبَةُ: فَذَكَرْتُهُ لِعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، فَقَالَ. . . إلخ) معناه أن شعبة عرَضَ ما حدّثه محارب بن دِثَار عن جابر - رضي الله عنه -، فانكر قوله: "فأين أنت من العذارى، ولعابها؟ "، وقال: أنا سمعت الحديث من جابر، فلم


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٥٢ - ٥٣.
(٢) أي كما ادّعى القرطبيّ كونه بعيدًا، وعبارته في "المفهم" (٤/ ٢١٥): وقد رواه أبو ذرّ من طريق المستملي: "لُعابها" بالضمّ، يعني به ريقها عند التقبيل، وفيه بُعْدٌ، والصواب الأول. انتهى.
(٣) راجع: "الفتح" ١١/ ٣٤٤.