للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٣ - (ومنها): حرص الشريعة على إبعاد كلّ ما يحصل به الضرر للمسلم.

٤ - (ومنها): أن التدليس في البيع حرام، مثلُ أن يُخفي العيب، أو يُصرّي الشاة، أو يُغمّر وجه الجارية، فيظنّها المشتري حسناء، أو يُجعّد شعرها، غير أن البيع مع ذلك يصحّ، ولكن يَثبُت للمشتري الخيار إذا وقف عليه، كما أثبت ذلك له النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حيث قال فيما أخرجه الشيخان واللفظ لمسلم، من حديث أبي هريرة - صلى الله عليه وسلم -: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا يُتَلَّقى الركبانُ لبيع، ولا يَبعْ بعضكم على بيع بعض، ولا تناجشوا، ولا يَبع حاضر لباد، ولا تُصَرُّوا الإبلَ والغنم، فمن ابتاعها بعد ذلك فهو بخير النظرين، بعد أن يَحْلُبها، فإن رَضِيَها أمسكها، وإن سَخِطها رَدَّها وصاعًا من تمر".

قال الإمام البغويّ رحمه الله تعالى: ولو اطّلع المشتري على العيب بعدما هلك ما اشتراه في يده، أو كان عبدًا قد أعتقه، فيرجع بالأرش، وهو أن يُنظر كم نقص العيب من قيمته، فيسترجع بنسبته من الثمن، وقال شُريح: لا يردّ العبد من ادّفان، ويُردّ من الإباق الباتّ، والادّفانُ: أن يروغ عن مواليه اليوم أو اليومين، ولا يغيب عن المصر، وعنه: أنه كان يرُدّ الرقيق من الْعَبَس، وهو البول في الفراش، فأما إذا باع عبدًا قد ألبسه ثوب الْكَتَبة، أو زيّاه بزيّ أهل حرفة، فظنّه المشتري كاتبًا، أو محترفًا بتلك الحرفة، فلم يكن، فلا خيار له على أصحّ المذهب؛ لأن الرجل قد يَلْبَس ثوب الغير عاريةً، والمشتري هو الذي اغترّ به، فلا خيار له. انتهى (١).

وسيأتي تمام البحث في ذلك في موضعه من "كتاب البيوع" - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "شرح السنّة" ٨/ ١٦٧ - ١٦٨.