للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

طلاقًا، لا أنه يحتاج إلى أن يطلقها، فلا يخالف مفهومُ حديث عائشة منطوق الآية. فَتَأَمَّلْ، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): اختلفوا في التخيير، هل هو بمعنى التمليك، أو بمعنى التوكيل؟ وللشافعيّ فيه قولان: المصحّح عند أصحابه أنه تمليكٌ، وهو قول المالكيّة بشرط مبادرتها له، حتى لو أخّرت بقدر ما ينقطع القبول عن الإيجاب في العقد، ثم طلّقت لم يقع، وفي وجه: لا يضرّ التأخير ما داما في المجلس، وبه جزم ابن القاصّ، وهو الذي رجّحه المالكيّة، والحنفيّة، وهو قول الثوريّ، والليث، والأوزاعيّ، وقال ابن المنذر: الراجح أنه لا يتقيّد، ولا يشترط فيه الفور، بل متى طلّقت نفذ، وهو قول الحسن، والزهريّ، وبه قال أبو عبيد، ومحمد بن نصر، من الشافعيّة، والطحاويّ من الحنفيّة، وتمسّكوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لعائشة - رضي الله عنها -: "إني ذاكرٌ لك أمرًا، فلا تعجلي حتى تستأمري أبويك … " الحديث، فإنه ظاهرٌ في أنه فسّح لها إذ أخبرها أن لا تختار شيئًا حتى تستأذن أبويها، ثم تفعل ما يشيران به عليها، وذلك يقتضي عدم اشتراط الفور في جواب التخيير.

قال الحافظ: ويمكن أن يقال: يشترط الفور، أو ما داما في المجلس عند الإطلاق، فأما لو صرّح الزوج بالفسحة في تأخيره بسبب يقتضي ذلك، فيتراخى، وهذا الذي وقع في قصّة عائشة - رضي الله عنها -، ولا يلزم من ذلك أن يكون كلّ خيار كذلك. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي ذكره الحافظ من الإمكان فيه نظر لا يخفى، بل الظاهر ما قاله الحسن، والزهريّ، وأبو عبيد، والطحاويّ، واختاره ابن المنذر - رحمهم الله تعالى - من عدم التقييد في التخيير، كما هو ظاهر حديث الباب، فليُتأمّل، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

وبالسند المتّصل إلى المؤلّف رحمه الله أوّل الكتاب قال:

[٣٦٨٥] ( … ) - (وَحَدَّثَنَاه أَبُو بَكْرِ بْن أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ، عَن الشَّعْبِيِّ، عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ: مَا أُبَالِي خَيَّرْتُ