للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بكر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فَرُدّ، ثم استأذن عمر، فرُدّ، فجلسا مع الناس ساعةً، فقال القوم لأبي بكر: عُدْ، فعاد أبو بكر، فاستأذن، فأُذن له، ثم استأذن عمر، فأُذن له، فدخلا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ونساؤه كلّهنّ حوله، وهو ناكسٌ رأسه، ثم رفع إليهم بصره، فقال عمر: يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد سألتني آنفًا الكسوة والنفقة، فعَمدت إليها، فوجأت رقبتها وَجْأةً خرّت منها، فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى بدا ناجذه، ثم قال: "والله ما حبسني عنكم منذ اليوم إلا أنهنّ يسألنني النفقة والكسوة، وليست عندي"، قال: فقام أبو بكر إلى عائشة، فرفع يده ليضربها، فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقام عمر إلى حفصة ليضربها، فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ثم قالا: أتسألان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما ليس عنده؟ فقلن: والله لا نسأله شيئًا بعد اليوم يشقّ عليه، ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلينا، وخرجا معه، فأُذِّن بالصلاة، فصلى، ثم نزل التخيير: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا (٢٨) وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)} [الأحزاب: ٢٨، ٢٩]" الحديث.

(قَالَ) جابر - رضي الله عنه - (فَأُذِنَ) بالبناء للمفعول (لِأَبِي بَكْرٍ، فَدَخَلَ، ثُمَّ أَقْبَلَ عُمَرُ، فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَوَجَدَ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - جَالِسًا، حَوْلَهُ نِسَاؤُهُ) جملة حاليّة بعد حال، وكذا قوله: "واجمًا ساكتًا".

قال القاري: قوله: "حوله نساؤه" لعل هذا قبل نزول الحجاب، وتعقّبه بعضهم بأن التخيير كان سنة تسع بعد نزول الحجاب، ويجاب عن دخول أبي بكر وعمر على أمهات المؤمنين بأنه لا يلزم منه رفع الحجاب، وَيحتَمِل أن يكنّ مرتديات (١)، والله تعالى أعلم.

(وَاجِمًا سَاكِتًا) والواجم بالجيم، هو الذي اشتدّ حزنه حتى أمسك عن الكلام، يقال: وَجَمَ - بفتح الجيم - وُجُومًا، قاله النوويّ، وقال الفيّوميّ: وَجَمَ من الأمر يَجِمُ وُجُومًا: أمسك عنه، وهو كارهٌ. انتهى (٢)، فعطفُ "ساكتًا" عليه من عطف المؤكِّد على المؤكَّد.

(قَالَ) جابر (فَقَالَ) عمر بن الخطّاب، كما صرّح به أبو عوانة في


(١) راجع: "تكملة فتح الملهم" ١/ ١٧٥.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٤٩.