للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى عَائِشَةَ، فَقُلْتُ: يَا بِنْتَ (١) أَبِي بَكْرٍ أقَدْ بَلَغَ (٢) مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقَالَتْ: مَا لِي وَمَا لَكَ يَا ابْنَ الْخَطَّاب، عَلَيْكَ بِعَيْبَتِكَ، قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، فَقُلْتُ لَهَا: يَا حَفْصَةُ أَقَدْ بَلَغَ مِنْ شَأْنِكِ أَنْ تُؤْذِي رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَاللهِ لَقَدْ عَلِمْت، أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - لَا يُحِبُّك، وَلَوْلَا أَنَا لَطَلَّقَكِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَبَكَتْ أَشَدَّ الْبُكَاء، فَقُلْتُ لَهَا: أَيْنَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ قَالَتْ: هُوَ فِي خِزَانَتِهِ فِي الْمَشْرُبَة، فَدَخَلْتُ، فَإِذَا أَنَا بِرَبَاحٍ غُلَامِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَاعِدًا عَلَى أُسْكُفَّةِ الْمَشْرُبَة، مُدَلٍّ رِجْلَيْهِ عَلَى نَقِيرٍ مِنْ خَشَبٍ، وَهُوَ جِذْعٌ يَرْقَى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَيَنْحَدِرُ، فَنَادَيْتُ: يَا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَة، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ قُلْتُ: يَا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَنَظَرَ رَبَاحٌ إِلَى الْغُرْفَة، ثُمَّ نَظَرَ إِلَيَّ، فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا، ثُمَّ رَفَعْتُ صَوْتِي، فَقُلْتُ: يَا رَبَاحُ، اسْتَأْذِنْ لِي عِنْدَكَ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِنِّي أَظُنُّ أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - ظَنَّ أَنِّي جِئْتُ مِنْ أَجْلِ حَفْصَةَ، وَاللهِ لَئِنْ أَمَرَنِي رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بِضَرْبِ عُنُقِهَا لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَهَا، وَرَفَعْتُ صَوْتِي، فَأَوْمَأَ إِلَيَّ أَنِ ارْقَهْ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَهُوَ مُضْطَجِعٌ عَلَى حَصِيرٍ، فَجَلَسْتُ، فَأَدْنَى عَلَيْهِ إِزَارَهُ (٣)، وَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبِه، فَنَظَرْتُ بِبَصَرِي فِي خِزَانَةِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَإِذَا أَنَا بِقَبْضَةٍ مِنْ شَعِيرٍ نَحْوِ الصَّاع، وَمِثْلِهَا قَرَظًا فِي نَاحِيَةِ الْغُرْفَة، وَإِذَا أَفِيقٌ مُعَلَّقٌ، قَالَ: فَابْتَدَرَتْ عَيْنَايَ، قَالَ: "مَا يُبْكِيكَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ "، قُلْتُ: يَا نَبِيَّ الله، وَمَا لِي لَا أَبْكِي، وَهَذَا الْحَصِيرُ قَدْ أَثَّرَ فِي جَنْبكَ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ، لَا أَرَى فِيهَا إِلَّا مَا أَرَى، وَذَاكَ قَيْصَرُ وَكِسْرَى فِي الثِّمَارِ وَالْأَنْهَار، وَأَنْتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، وَصَفْوَتُهُ، وَهَذِهِ خِزَانَتُكَ، فَقَالَ: "يَا ابْنَ الْخَطَّابِ أَلَا تَرْضَى أَنْ تَكُونَ لَنَا الْآخِرَةُ، وَلَهُمُ الدُّنْيَا؟ "، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: وَدَخَلْتُ عَلَيْهِ حِينَ دَخَلْتُ، وَأنا أَرَى فِي وَجْهِهِ الْغَضَبَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا يَشُقُّ عَلَيْكَ


(١) وفي نسخة: "يا ابنة".
(٢) وفي نسخة: "أَوَ بَلَغَ" بفتح الواو.
(٣) وفي نسخة: "فإذا عليه إزاره".