وأخرج أيضًا من حديث صُهَيب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "عَجَبًا لأمر المؤمن، إنّ أمرَه كلَّه خيرٌ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سَرّاء شَكَر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضَرّاء صبر، فكان خيرًا له".
وأخرج البخاريّ في "صحيحه" من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"يقول الله تعالى: ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ، إذا قَبَضتُ صَفِيَّه من أهل الدنيا، ثم احتسبه إلا الجنة".
ومفتاح ذلك كلّه، والطريق الموصل إليه هو صدق الإيمان، وإخلاص التوكّل عليه، وقوّة الرجاء والالتجاء إليه، فإنه الكافي لعبده، وهو الفتّاح لباب الصبر والرضا، كما قال تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ}[الزمر: ٣٦]، وقال:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ} الآية [التغابن: ١١].
والحاصل أن واجب المسلم تجاه المصائب الصبر، والرضا بالقضاء، والالتجاء إليه، والتوكّل عليه، فإنه ينال بذلك الأجر العظيم، والفضل الجسيم، كما أوضحته النصوص المذكورة.
"اللهم اهدنا فيمن هديت، وتوتنا فيمن تولّيت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شرّ ما قضيت، فإنك تقضي، ولا يُقضى عليك، وإنه لا يذلّ من واليت، ولا يَعِزّ من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت"، آمين، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الامام أبي الحسين مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى المذكور أولَ الكتاب قال:
١ - (عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) هو: عثمان بن محمد بن أبي شيبة إبراهيم بن عثمان الْعَبسيّ، أبو الحسن الكوفيّ، ثقةٌ حافظٌ [١٠](ت ٢٣٩)(خ م د س ق) تقدم في "الإيمان" ٣٥/ ٢٤٦.