للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال القاضي عياض رحمه الله: هذه القصة مما يَحتج به مَن يُفَضِّل الفقير على الغني؛ لما في مفهوم قوله: إن من تنعم في الدنيا يفوته في الآخرة بمقداره، قال: وحاوله الآخرون بأن المراد من الآية: أن حظ الكفار هو ما نالوه من نعيم الدنيا؛ إذ لا حظ لهم في الآخرة. انتهى.

قال الحافظ: وفي الجواب نظر، وهي مسألة اختَلَفَ فيها السلف والخلف، وهي طويلة الذيل، سيكون لنا بها إلمام - إن شاء الله تعالى - في "كتاب الرقاق".

٢٧ - (ومنها): أن المرء إذا رأى صاحبه مهمومًا استُحِبّ له أن يُحَدِّثه بما يزيل همه، ويطيب نفسه؛ لقول عمر: "لأقولنّ شيئًا يضحك النبي - صلى الله عليه وسلم -"، ويستحب أن يكون ذلك بعد استئذان الكبير في ذلك، كما فعل عمر - رضي الله عنه -.

٢٨ - (ومنها): جواز الاستعانة في الوضوء بالصبّ على المتوضئ، وخدمة الصغير الكبير، وإن كان الصغير أشرف نسبًا من الكبير.

٢٩ - (ومنها): أن فيه التجملَ بالثوب، والعمامة عند لقاء الأكابر.

٣٠ - (ومنها): أن فيه تذكيرَ الحالف بيمينه، إذا وقع منه ما ظاهره نسيانها، لا سيما ممن له تعلق بذلك؛ لأن عائشة - رضي الله عنها - خَشِيت أن يكون - صلى الله عليه وسلم - نَسِيَ مقدار ما حلف عليه، وهو شهر، والشهر ثلاثون يومًا، أو تسعة وعشرون يومًا، فلما نزل في تسعة وعشرين ظنت أنه ذَهلَ عن القدر، أو أن الشهر لم يُهِلّ، فأعلمها أن الشهر استُهِلّ، فإن الذي كان الحلف وقع فيه جاء تسعًا وعشرين يومًا.

٣١ - (ومنها): أن فيه تقويةً لقول مَن قال: إن يمينه - صلى الله عليه وسلم - اتَّفق أنها كانت في أول الشهر، ولهذا اقتصر على تسعة وعشرين، وإلا فلو اتَّفق ذلك في أثناء الشهر، فالجمهور على أنه لا يقع الْبَرّ إلا بثلاثين، وذهبت طائفة في الاكتفاء بتسعة وعشرين؛ أخذًا بأقل ما يَنطلق عليه الاسم.

قال ابن بطال: يؤخذ منه أن مَن حَلَف على فعل شيء يَبَرّ بفعل أقلّ ما ينطلق عليه الاسم، والقصة محمولة عند الشافعيّ، ومالك على أنه دخل أول الهلال، وخرج به، فلو دخل في أثناء الشهر لم يَبرّ إلَّا بثلاثين.