للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

[الخامس]: حكاه ابن سيرين أن القيمة في بيت المال.

[السادس]: محكيّ عن إسحاق ابن راهويه؛ أن هذا الحكم للعبيد، دون الإماء، وهذا القول شاذّ مخالفٌ للعلماء كافّةً، والأقوال الثلاثة قبله فاسدةٌ مخالفةٌ لصريح الأحاديث، فهي مردودة على قائليها. انتهى كلام النوويّ رحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: لا يخفى أن المذهب الأول هو الصحيح، كما قال النوويّ رحمه اللهُ؛ لأنه الموافق لظاهر الحديث، وأما بقيّة الأقوال، فإنها بعيدة عنه، فتأملها بالإنصاف، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم فيما إذا كان المعتق معسرًا:

(اعلم): أنهم اختلفوا أيضًا فيما إذا كان المعتق معسرًا حال الإعتاق على أربعة مذاهب:

[أحدها]: مذهب مالك، والشافعيّ، وأحمد، وأبي عبيد، وموافقيهم: ينفذ العتق في نصيب المعتِق فقط، ولا يطالب المعتَق بشيء، ولا يُستسعى العبد، بل يبقى نصيب الشريك رقيقًا، كما كان، وبهذا قال جمهور علماء الحجاز؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -.

[المذهب الثاني]: مذهب ابن شُبْرُمة، والأوزاعيّ، وأبي حنيفة، وابن أبي ليلى، وسائر الكوفيين، وإسحاق: يُستسعى العبد في حصة الشريك، واختَلَف هؤلاء في رجوع العبد بما أدَّى في سعايته على معتِقه، فقال ابن أبي ليلى: يرجع به عليه، وقال أبو حنيفة وصاحباه: لا يرجع، ثم هو عند أبي حنيفة في مدة السعاية بمنزلة المكاتَب، وعند الآخرين: هو حرّ بالسراية.

[المذهب الثالث]: مذهب زفر، وبعض البصريين: أنه يُقَوَّم على المعتِق، ويؤدي القيمة إذا أيسر.

[الرابع]: حكاه القاضي عن بعض العلماء: أنه لو كان المعتِق معسرًا بطل عتقه في نصيبه أيضًا، فيبقى العبد كله رقيقًا، كما كان، قال النوويّ: وهذا مذهب باطلٌ.


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٣٧ - ١٣٨.