للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يُخَلِّل جسده بالثوب، لا يرفع منه جانبًا، ولا يُبقي ما يُخرج منه يده، قال ابن قتيبة: سميت صماء؛ لأنه يَسُدُّ المنافذ كلها، فتصير كالصخرة الصماء، التي ليس فها خرق.

وقال الفقهاء: هو أن يلتحف بالثوب، ثم يرفعه من أحد جانبيه، فيضعه على منكبه، فيصير فرجه باديًا، قال النووي: فعلى تفسير أهل اللغة، يكون مكروهًا؛ لئلا يَعرِض له حاجة، فيتعسر عليه إخراج يده، فيَلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم، لأجل انكشاف العورة.

قال الحافظ: ظاهر سياق البخاريّ، من رواية يونس، في "اللباس": أن التفسير المذكور فيها مرفوع، وهو موافق لما قال الفقهاء، ولفظه: "والصماء أن يجعل ثوبه على أحد عاتقيه، فيبدو أحد شقيه"، وعلى تقدير أن يكون موقوفًا، فهو حجة على الصحيح؛ لأنه تفسير من الراوي، لا يخالف ظاهر الخبر.

وأما "الاحتباء": فهو أن يَقْعُد على أَلْيَتيه، وينصب ساقيه، ويَلُفّ عليه ثوبًا، ويقال له الْحَبْوَة، وكانت من شأن العرب، وفسّرها في رواية يونس المذكورة بنحو ذلك، أفاده في "الفتح" (١).

وقال ولي الدين - رحمه الله -: الاحتباء بالمد هو أن يقعُد الإنسان على أليته، وينصب ساقيه، ويحتوي عليهما بثوب، أو نحوه، أو بيده، وهذه الْقِعْدة يقال لها: الِحبوة، بضم الحاء وكسرها، وكان هذا الاحتباء عادة للعرب في مجالسهم، فنُهِيَ عنه إذا أدّى إلى انكشاف العورة، بأن يكون عليه ثوب واحد قصير، فإذا قعد على هذه الهيئة انكشفت عورته، ولو كان عليه ثياب كثيرة، وكلها قصيرة، بحيث تنكشف عورته، إذا جلس هكذا كان حرامًا أيضًا، وذِكْرُ الثوب الواحد في الحديث خرج مخرج الغالب في أن الانكشاف إنما يكون مع الثوب الواحد دون الثياب الكثيرة، وكشف العورة حرام بحضور الناس، وكذا في الخلوة على الأصحّ إذا كان لغير حاجة، واقتصر في الحديث على ذكر الفرج؛ لفحشه، ونبّه به على ما سواه من العورة، وقد تعلّق به من ذهب إلى أن العورة السوأتان فقط.


(١) "الفتح" ٢/ ٢٨ "كتاب الصلاة" رقم ٣٦٩.