قال الحافظ وليّ الدين - رحمه الله -: فسّر أصحابنا - يعني الشافعيّة - تلقّي الركبان بأن يتلقّى طائفةً يحملون طعامًا إلى البلد، فيشتريه منهم، قبل قدومهم البلد، ومعرفة سعره، ومقتضى هذا التفسير أن التلقّي لشراء غير الطعام، ليس حكمه كذلك، ولم أر هذا التقييد في كلام غيرهم. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: التقييد المذكور مما لا دليل عليه، فالصواب المنع مطلقًا؛ لظاهر النصّ، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
والشرط في التحريم - كما قالوا - أن يعلم النهي عن التلقّي، وهذا شرط في سائر المناهي، وروى سحنون عن ابن القاسم أنه يؤدّب، إلا أن يُعذر بالجهل، وروى عيسى بن دينار، عن ابن القاسم أنه يؤدب إذا كان معتادًا لذلك، واختلفوا في قصد التلقّي، فلو لم يقصده، بل خرج لشغل، فاشترى منهم، ففي تحريمه خلاف عند الشافعيّة، والمالكيّة، والأصحّ عند الشافعيّة تحريمه؛ لوجود المعنى، وهو الحقّ.
وقال وليّ الدين - رحمه الله -: وشرط بعض أصحابنا للتحريم شرطًا آخر، وهو أن يبتدئ المتلقّي القافلةَ بطلب الشراء منهم، فلو ابتدؤوه، فالتمسوا منه الشراء منهم، وهم عالمون بسعر البلد، أو غير عالمين، فجعلوه على الخلاف فيما لو بان أن الشراء بسعر البلد، أو أكثر، والأصحّ أنه لا خيار في هذه الصورة. انتهى.
وقال في "الفتح": وظاهر الحديث منع التلقّي مطلقًا، سواء كان قريبًا، أم بعيدًا، وسواء كان لأجل الشراء منهم، أم لا. انتهى. وسيأتي تمام البحث فيه قريبًا - إن شاء الله تعالى -.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٥/ ٣٨١٤ و ٣٨١٥](١٥١٧)، و (البخاريّ) في "البيوع"(٢١٤٢ و ٢١٥٩) و"الحيل"(٦٩٦٣)، و (أبو داود) في "البيوع"(٣٤٣٦)، و (النسائيّ) في "البيوع"(٧/ ٢٥٨) و"الكبرى"(٤/ ١٣)، و (ابن ماجه)