للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"مثله"، أو "بنحوه"، أو "بمثله"، كما فعله الإمام مسلم رحمه الله تعالى هنا، بل قد أكثر منه في هذا الكتاب.

قال في "التقريب"، مع "شرحه التدريب": ولو روى حديثًا بإسناد له، ثم أتبعه بإسناد آخر، وحذف متنه، وأحاله على المتن الأول، وقال في آخره: "مثله"، فأراد السامع لذلك منه رواية المتن الأول بالإسناد الثاني فقط، فالأظهر منعه، وهو قول شعبة، وأجازه سفيان الثوري، وابن معين، إذا كان الراوي مُتَحَفِّظًا ضابطًا مُمَيِّزًا بين الألفاظ، ومَنَعَاه إن لم يكن كذلك، وكان جماعة من العلماء إذا رَوَى أحدهم مثل هذا ذكر الإسناد، ثم قال: مثل حديث قبله، مَتْنُهُ كذا، واختار الخطيب هذا، وأما إذا قال: "نحوه"، فأجازه الثوري أيضًا كـ "مثله"، ومنعه شعبة، وابن معين.

قال الخطيب: فَرْقُ ابنِ معين بين "مثله"، و"نحوه" يصح على منع الرواية بالمعنى، فأما على جوازها فلا فرق.

قال الحاكم: يلزم الحديثيّ من الضبط والإتقان أن يُفَرِّق بين "مثله" و"نحوه"، فلا يحل أن يقول: "مثله" إلا إذا عَلِم أنهما اتّفقا في اللفظ، ويحل أن يقول: "نحوه" إذا كان بمعناه.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا الذي قاله لحاكم من أن "مثله" لما اتَّفَقَ في اللفظ محل نظر؛ لأني وجدتُ كثيرًا فيما يقوله فيه مسلم: "مثله" مَرْوِيًّا بالمعنى، بل وجدت حديثًا قال فيه مسلم: "مثله" قال فيه البخاري: "نحوه"، فالظاهر أن هذه القاعدة التي ذكرها الحاكم ليست متفقًا عليها على أنه يحتمل أن يقع الاختلاف بعد مسلم رحمه الله تعالى، فليُتَنَبَّهُ لهذه الدقيقة، فإني لم أر من تكلم عليها، والله تعالى أعلم.

وأما إذا ذكر الإسناد، وبعض المتن، ثم قال: "وذكر الحديث"، ولم يتمه، أو قال: "بطوله"، أو "الحديث"، وأضمر "وذَكَرَ"، فأراد السامع روايته عنه بكماله، فهو أولى بالمنع من مسألة "مثله"، و"نحوه" السابقة؛ لأنه إذا مُنِعَ هناك مع أنه قد ساق فيها جميع المتن قبل ذلك بإسناد آخر، فَلأَنْ يُمْنَع هنا، ولم يَسُق إلا بعض الحديث من باب أولى، وبذلك جزم قوم، فمنعه الأستاذ أبو إسحاق الإسفراييني، وأجازه الإسماعيلي، إذا عَرَف المحدث والسامع ذلك