للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون ذُكروا في الباب، وقبل باب.

[تنبيه]: من لطائف هذا الإسناد أنه من رباعيّات المصنّف، وهو (٢٥١) من رباعيّات الكتاب.

وقوله: (كُلُّ بَيِّعَيْنِ) تقدّم أن الْبيِّع بتشديد التحتانية: هو البائع.

وقوله: (لَا بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا)؛ أي: ليس بينهما بيع لازم (١).

وقوله: (إِلَّا بَيْعُ الْخِيَارِ)؛ أي: فيلزم باشتراطه، كما تقدّم البحث فيه، وظاهره حصر لزوم البيع في التفرّق، أو في خيار الشرط، والمعنى: أن البيع عقد جائزٌ، فإذا وُجد أحد هذين الأمرين كان لازمًا، قاله في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ - رحمه الله -: قوله: "إلا بيع الخيار" معناه على مذهب الشافعي: أن خيار المجلس لا أثر له مع وجود خيار الشرط، فلو تفرَّقا مع اشتراط خيار الثلاث لم يجب البيع بنفس التفرُّق، بل بمضي مدة الخيار المشترط، ويكون هذا الاستثناء من قوله: "لا بيع بينهما"، وهو استثناء موجب من منفيّ، فكأنه قال: كلُّ بيِّعَين فلا حُكم لبيعهما ما داما في مجلسهما إلا بيع الخيار المشترط، فحكمه باق إلى مدته، وإن افترقا بالأبدان.

قال: ويمكن تنزيله على مذهب مالك على هذا النحو، غير أن التفرُّق يُحْمَل على التفرُّق بالأقوال، ويكون البيّعان بمعنى المتساومين، غير أن الاستثناء يكون منقطعًا؛ لأن المتبايعين بالخيار الشرطيّ ليسا متساومين، بل متعاقدين، فيكون تقديره: لكن بيع الخيار يلزم حكمه بانقضاء مدته. انتهى (٣).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أن ما ذهب إليه الشافعيّ - رحمه الله - هو الصحيح الموافق لظواهر الحديث، فتبصّر.

والحديث متّفقٌ عليه، وقد مضى البحث فيه مستوفًى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

{إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ}.


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٧٥ - ١٧٦.
(٢) "الفتح" ٥/ ٥٧٣.
(٣) "المفهم" ٤/ ٣٨٣ - ٣٨٤.