للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فهذه أقوال أهل العلم فيه، ويَحْصُل من مجموعها جواز ذلك كله، فالزيادة من الثقة مقبولة، وفي نَقَل شيئًا لم يعرفه غيره قبلناه إذا كان ثقة. انتهى كلام النوويّ - رحمه الله -، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَعَنِ السُّنْبُلِ) قال الفيّوميّ - رحمه الله -: سُنْبُل الزرع: فُنْعُلٌ بضمّ الفاء والعين، الواحدة: سُنْبُلة، والسَّبَلُ مثله، الواحدة سَبَلَة، مثلُ قَصَب وقَصَبَة، وسَنْبَلَ الزرع: أخرج سُنبُله، وأسبل بالألف: أخرج سَبَلهُ. انتهى (١).

وقال البيضاويّ في "تفسيره" عند قوله تعالى: {كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} الآية [البقرة: ٢٦١]: هي الشعبة التي تتفرعّ عن ساق الزرع. انتهى.

وقوله: (حَتَّى يَبْيَضَّ) بتشديد الضاد المعجمة: معناه: حتى يشتدّ حبّه، وهو بُدُوّ صلاحه.

قال النووي - رحمه الله -: فيه دليل لمذهب مالك، والكوفيين، وأكثر العلماء؛ أنه يجوز بيع السنبل المشتدّ، وأما مذهبنا - يعني الشافعيّة - ففيه تفصيل فإن كان السنبل شعيرًا، أو ذُرَةً، أو ما في معناهما مما تُرَى حَبّاته جاز بيعه، وإن كان حنطة ونحوها، مما تُستَر حبّاته بالقشور التي تزال بالدياس، ففيه قولان للشافعيّ - رحمه الله -: الجديد أنه لا يصحّ، وهو أصح قوليه، والقديم أنه يصحّ، وأما قبل الاشتداد فلا يصح بيع الزرع إلا بشرط القطع، كما ذكرنا، وإذا باع الزرع قبل الاشتداد مع الأرض بلا شرط جاز تبعًا للأرض، وكذا الثمر قبل بدوّ الصلاح، إذا بِيع مع الشجر جاز بلا شرط تبعًا، وكذا حكم البقول في الأرض لا يجوز بيعها في الأرض دون الأرض إلا بشرط القطع، وكذا لا يصحّ بيع البطيخ ونحوه قبل بدو صلاحه. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: ما ذهب إليه الجمهور، وهو القول القديم للشافعيّ، من جواز بيع السنبل المشتدّ مطلقًا هو الأرجح عندي؛ لظاهر هذا الحديث، والله تعالى أعلم.

وقوله: (وَيَأمَنَ الْعَاهَةَ) هي الآفة، تصيب الزرع، أو الثمر ونحوه، فتُفسده، قال العينيّ - رحمه الله -: وأصل عاهة عَوَهَةٌ، قُلبت الواو ألفًا؛ لتحركها،


(١) "المصباح المنير" ١/ ٢٦٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ١٨٢ - ١٨٣.