للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ويُثنّى رِبَوان بالواو على الأصل، وقد يقال: رِبيان على التخفيف، وينسب إليه على لفظه، فيقال: رِبَويّ، وقال الْمُطَرِّزِيّ: الفتح في النسبة خطأ، أفاده الفيوميّ (١).

والمعنى: أن هذا البيع هو من الربا الذي حرّمه الله تعالى بقوله: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} الآية [البقرة: ٢٧٥].

وقال أيضًا: (تِلْكَ)؛ أي: البيعة المذكورة (الْمُزَابَنَةُ")؛ أي: من البيع الذي يُسمّى بالمزابنة، وهو بيع الثمر بالتمر كيلًا، من الزبن، وهو الدفع، وسُمّي هذا البيع مزابنةً؛ لأنهم يتدافعون في مخاصمتهم بسببه؛ لكثرة الغرر والخطر، وسيأتي تمام البحث فيه - إن شاء الله تعالى -.

(إِلا أنَّهُ رَخَّصَ) وفي لفظ عند البخاريّ: "أرخص" (فِي بَيْعِ الْعَرِيَّةِ)؛ أي: في بيع ثمر العريّة؛ لأن العريّة هي النخلة، ففيه حذف المضاف، وإقامة المضاف إليه مُقامه.

وقوله: (النَّخْلَة، وَالنَّخْلَتَيْنِ) بالجرّ بدل من "العريّة"، وقوله: (يَأَخُذُهَا أَهْلُ الْبَيْتِ) جملة في محلّ نصب على الحال.

قال القرطبيّ رحمه الله: أهل البيت على مذهب مالك، ومن قال بقوله: هم الْمُعْرُون، فيضمنون مقدار العرية، فيدفعون ذلك للمُعْرَى له تمرًا عند الجداد، رفقًا به حيث كُفِي المؤَنَ، وأُعطي ما يقتات به، ويحصل من ذلك للمُعْرِي دفع ضرر تكرار دخول المعرى له إلى عريته لتعاهدها، وسقيها، واجتنانها.

فظهر لمالك: أن العرية إنما رخص فيها لأنها من باب المعروف، والرفق، والتسهيل في فعل الخير، والمعونة عليه.

وأما على مذهب الشافعي: فأهل البيت عنده هم: المشترون الذين يشترون الرطب بالتمر ليأكلوها رطبًا، فظهر له: أن الموجب لهذه الرخصة هو حاجة من له تمر لأكل الرطب، وقد ذكرنا آنفًا ضعف هذا المعنى. انتهى (٢).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تقدّم أنه لا ضعف فيما ذهب إليه الشافعيّ: رحمه الله، فإنه قائل بما قاله مالك أيضًا، فتنبّه، والله تعالى أعلم.


(١) راجع: "المصباح المنير" ١/ ٢١٧.
(٢) "المفهم" ٤/ ٣٩٤ - ٣٩٥.