للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

٤ - (ومنها): أن صحابيّه من خيار الصحابة، بايع تحت الشجرة، وشهد بدرًا إن صحّ، وهذا أول محلّ ذكره في هذا الكتاب، وليس له فيه إلا حديثان، كما أسلفت ذلك آنفًا، وهو من المقلّين من الرواية، فليس له في الكتب الستة إلا نحو أربعة أحاديث فقط، الحديثان المتقدّمان آنفًا، وحديث مبايعته تحت الشجرة عند الشيخين، وحديث: "نذر رجل على عهد النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن ينحر إبلًا ببُوانة … " عند أبي داود فقط، راجع ترجمته في "تحفة الأشراف" ٢/ ١٤٣ و ١٤٥، والله تعالى أعلم.

شرح الحديث:

(عَنْ يَحْيَى بْنِ أَبِي كَثِيرٍ) اسمه صالح بن المتوكّل (أَنَّ أَبَا قِلَابَةَ) بكسر القاف (أَخْبَرَهُ) أي أخبر يحيى (أَنَّ ثَابِتَ بْنَ الضَّحَاكِ) - رضي الله عنه - (أَخْبَرَهُ) أي أبا قلابة (أنَّهُ بَايَعَ رَسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -) أي عاهده، وعاقده، قال في "النهاية" ما معناه: المبايعة عبارة عن المعاقدة والمعاهدة، كأنّ كلّ واحد منهما باع ما عنده من صاحبه، وأعطاه خالصة نفسه، وطاعته، ودَخِيلةَ أمره. انتهى (١).

وقال القرطبيّ: البيعة مأخوذة من البيع، وذلك أن المبايعَ للإمام يلتزم أن يقيه بنفسه وماله، فكأنه قد بذل نفسه، وماله لله تعالى، وقد وعد الله تعالى على ذلك بالجنّة، فكأنه قد حصلت له المعاوضة، فصدَقَ على ذلك اسم البيع، والمبايعة، والشراء، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ} إلى أن قال: {فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ} [التوبة: ١١١]. انتهى (٢).

وسيأتي تمام البحث في ذلك في محلّه - إن شاء الله تعالى -.

(تَحْتَ الشَّجَرَةِ) "أل" للعهد: أي الشجرة المعروفة التي ذكرها الله تعالى في كتابه الكريم، حيث قال: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} الآية [الفتح: ١٨].

وهي المبايعة المسمّاة ببيعة الرضوان، وكانت بالْحُديبية، هي موضع فيه ماء، قيل: بينها وبين مكة تسعة أميال، وذلك أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أقام مُنْصَرَفه من


(١) "النهاية" ١/ ١٧٤.
(٢) "كتاب الإمارة" ٤/ ٤٤.