للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عاجل، أو آجل، وإلى هذا أشار ذلك الصحابيّ - رضي الله عنه: (وَطَوَاعِيَةُ الله) سبحانه وتعالى (وَرَسُولهِ) - صلى الله عليه وسلم -، و"الطواعية" على وزن الكَرَاهية: بمعنى الطاعة، كما في "القاموس". يقال: أطاعه إطاعة؛ أي: انقاد له، وطاعه طوعًا، من باب قال، وبعضهم يُعدّيه بالحرف، فيقول: طاع له، وفي لغة من بابي باع، وخاف، والطاعة اسم منه، والفاعل من الرباعيّ مُطيع، ومن الثلاثيّ طائع، وطيِّعٌ، قاله الفيّوميّ رحمه الله (١).

(أنْفَعُ لَنَا) أي: أكثر نفعًا لنا من النفع الذي نظنّه في هذه المعاملة (نَهَانَا أنْ نُحَاقِلَ بِالْأَرْضِ) جملة "نهانا إلخ" جملة مستأنفة استئنافًا بيانيًّا، وهو ما وقع جوابًا لسؤال مقدّر، كأن سائلًا قال له: وما الذي نهاكم - صلى الله عليه وسلم - عنه؟ فأجاب بقوله: "نهانا أن نحاقل بالأرض" (فَنُكْريَهَا بِالثُّلُث، وَالرُّبُع، وَالطَّعَامِ الْمُسَمَّى) وقوله (وَأَمَرَ) عطف على "نهانا" (رَبَّ الأَرْضِ) أي: صاحبها، وفيه إطلاق لفظ الرب، مضافًا على غير الله تعالى، قال الفيّوميّ: الربُّ يُطلق على الله تبارك وتعالى، معرَّفًا بالألف واللام، ومضافًا، ويُطلق على مالك الشيء الذي لا يعقل، مضافًا إليه، فيقال: ربّ الذين، وربّ المال، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم - في ضالّة الإبل؛ "حتى يلقاها ربّها"، وقد استُعمل بمعنى السيّد، مضافًا إلى العاقل أيضًا، ومنه قوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتّى تلد الأمة ربّتها"، وفي رواية: "ربّها"، وفي

التنزيل حكايةً عن يوسف عليه السلام: {أَمَّا أَحَدُكُمَا فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْرًا} الآية [يوسف: ٤١]. قالوا: ولا يجوز استعماله بالألف واللام للمخلوق بمعنى المالك؛ لأن اللام للعموم، والمخلوق لا يملك جميع المخلوقات، وربّما جاء باللام عوضًا عن الإضافة، إذا كان بمعنى السيّد، قال الحارث بن حِلزَة [من الخفيف]:

فَهُوَ الرَّبُّ وَالشَّهِيدُ عَلَى يَوْ … مِ الْحِيَارَينِ (٢) وَالْبَلَاءُ بَلَاءُ

وبعضهم يمنع أن يقال: هذا ربّ العبد، وأن يقول العبد: هذا ربّي، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "حتّى تلد الأمة ربّها"، حجّةٌ عليه. انتهى (٣).


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٣٨٠.
(٢) "الْحِيَاران" اسم موضع، قاله في "اللسان".
(٣) "المصباح المنير"١/ ٢١٤.