وقوله:(نَهَى عَنِ الْمُزَارَعَةِ) تقدّم أن المراد بالمزارعة المنهيّ عنها هي التي اشتملت على الشروط الفاسدة، كان يشترط صاحب الأرض لنفسه ما على الماذيانات، أو الساقية، أو نحو ذلك، مما فيه غرر، وضرر، وأما إذا كانت بشيء معلوم، كدنانير، ودراهيم معيّنة، أو بجزء معلوم، كالثلث، والربع، والنصف، فلا منع في ذلك؛ لما يأتي بعد باب، من أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عامل أهل خيبر على نصف ما يخرج منها، ولما يدلّ عليه قوله في الرواية التالية:"وأمر بالمؤاجرة"، فتنبّه، والله تعالى أعلم.
مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث ثابت بن الضحّاك - رضي الله عنه - هذا من أفراد المصنّف: رحمه الله.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٢١/ ٣٩٤٨ و ٣٩٤٩](١٥٤٩)، و (أحمد) في "مسنده"(٤/ ٣٣)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣/ ٣٢٦)، والله تعالى أعلم.
وبالسند المتصل إلى المؤلف رحمه الله أوّل الكتاب قال:
[٣٩٤٩]( … ) - (حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ، أَخْبَرَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ سُلَيْمَانَ الشَّيْبَانِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ السَّائِب، قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى عَبْدِ الله بْنِ مَعْقِلٍ، فَسَأَلنَاهُ عَنِ الْمُزَارَعَةِ؟ فَقَالَ: زَعَمَ ثَابِث أنَّ رَسُولَ الله - صلى الله عليه وسلم - نَهَى عَنِ الْمُزَارَعَة، وَأَمَرَ بِالْمُؤَاجَرَة، وَقَالَ:"لَا بَأَسَ بِهَا").
رجال هذا الإسناد: سبعة:
١ - (إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ) الْكَوْسج، تقدّم قبل باب.
٢ - (يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ) الشيبانيّ، خَتَنُ أبي عوانة، تقدّم قبل بابين.
٣ - (أَوبو عَوَانَةَ) الوضّاح بن عبد الله اليشكريّ، تقدّم أيضًا قبل بابين.
والباقون ذُكروا قبله.
وقوله:(نَهَى عَنِ الْمُزَارَعَة، وَأَمرَ بِالْمُؤَاجَرَةِ) بالهمز، ويُبْدَل، قال الطيبيّ: رحمه الله: التعريف فيهما للعهد، فالمعني بالمزارعة: ما عُلِمَ عدم جوازه، وبالمؤاجرة عكسُ ذلك.