٢ - (ومنها): أن فيه الزجرَ عن الْمَطْل، واختُلِف هل يُعَدُّ فعله عمدًا كبيرة، أم لا؟ فالجمهور على أن فاعله يَفسُقُ، لكن هل يثبت فسقه بمطله مرة واحدة، أم لا؟ قال النوويّ: مقتضى مذهبنا اشتراط التكرار، وردّه السبكي في "شرح المنهاج" بأن مقتضى مذهبنا عدمه، واستَدلَّ بأن منع الحق بعد طلبه، وابتغاء العذر عن أدائه؛ كالغصب، والغصب كبيرة، وتسميته ظلمًا يُشعر بكونه كبيرة، والكبيرة لا يشترط فيها التكرر، نعم لا يحكم عليه بذلك، إلا بعد أن يظهر عدم عذره. انتهى.
واختلفوا هل يفسق بالتأخير، مع القدرة قبل الطلب، أم لا؟ فالذي يُشعر به حديث الباب التوقف على الطلب؛ لأن المطل يُشعر به، ويدخل في المطل كُل من لزمه حقّ؛ كالزوج لزوجته، والسيد لعبده، والحاكم لرعيته، وبالعكس.
٣ - (ومنها): أنه استُدِلّ به على أن العاجز عن الأداء، لا يدخل في الظلم، وهو بطريق المفهوم؛ لأن تعليق الحكم بصفة من صفات الذات، يدل على نفي الحكم عن الذات، عند انتفاء تلك الصفة، ومن لم يقل بالمفهوم، أجاب بأن العاجز لا يسمى ماطلًا.
٤ - (ومنها): أن الغنيّ الذي ماله غائب عنه، لا يدخل في الظلم، وهل هو مخصوص من عموم الغنيّ، أو ليس هو في الحكم بغنيّ؟ الأظهر الثاني؛ لأنه في تلك الحالة يجوز إعطاؤه من سهم الفقراء، من الزكاة، فلو كان في الحكم غنيًّا، لم يجز ذلك.
٥ - (ومنها): أنه استُنبط منه أن المعسر لا يحبس، ولا يطالب حتى يوسر، قال الشافعيّ: لو جازت مؤاخذته، لكان ظالمًا، والفرض أنه ليس بظالم؛ لعجزه، وقال بعض العلماء: له أن يحبسه، وقال آخرون: له أن يلازمه.
٦ - (ومنها): أنه استُدلّ به على أن الحوالة إذا صحت، ثم تعذر القبض بحدوث حادث، كموت، أو فَلَس (١)، لم يكن للمحتال الرجوع على المحيل؛ لأنه لو كان له الرجوع، لم يكن لاشتراط الغنى فائدة، فلما شُرطت عُلم أنه