للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحديث، فإنه كما يدلّ على جواز بيع البئر نفسها، وكذلك العين بالقياس عليها، يدل على جواز بيع الماء؛ لتقريره - صلى الله عليه وسلم - لليهودي على البيع.

ويجاب بأن هذا كان في صدر الإسلام، وكانت شوكة اليهود في ذلك الوقت قوية، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صالَحهم، في بادئ الأمر على ما كانوا عليه، ثم استقرّت الأحكام، وشَرَع لأمته تحريم بيع الماء، فلا يعارضه ذلك التقرير، وأيضًا الماء هنا دخل لبيع البئر، ولا نزاع في جواز ذلك. انتهى كلام الشوكانيّ - رحمه الله - (١)، وهو بحث نفيسٌ.

(وَالأَرْضِ لِتُحْرَثَ) أي: نَهَى عن كراء الأرض للزرع. قال النوويّ - رحمه الله -: قوله: "نَهَى عن بيع الأرض لتُحرث" معناه: نَهَى عن إجارتها للزرع، قال: والجمهور يجوّزون إجارتها بالدراهم، والثياب، ونحوها، ويتأوّلون النهي تأويلين:

[أحدهما]: أنه نَهْيُ تنزيه؛ ليعتادوا إعارتها، وإرفاق بعضهم بعضًا.

[والثاني]: أنه محمول على إجارتها على أن يكون لمالكها قطعة معيّنة من الزرع، وحمله القائلون بمنع المزارعة على إجارتها بجزءٍ مما يخرج منها. انتهى (٢).

وقد تقدّم تفصيل ما ذُكر كلّه في "أبواب المزارعة" مستوفًى، فراجعه تستفد، وبالله تعالى التوفيق.

وقوله: (فَعَنْ ذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -) تأكيدٌ لما سبق من النهي، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - هذا من أفراد المصنّف - رحمه الله -.

(المسألة الثانية): في تخريجه:

أخرجه (المصنّف) هنا [٣٠/ ٣٩٩٧ و ٣٩٩٨] (١٥٦٥)، و (النسائيّ) في


(١) "نيل الأوطار" ٥/ ١٥٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١٠/ ٢٢٩ - ٢٣٠.