للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إثباتها في المنقوص، من غير ألف ولام، والمشهور حذفها، وإلى هذا أشار ابن مالك في "الخلاصة" بقوله - رحمه الله -:

وَحَذْفُ يَا الْمَنْقُوصِ ذِي التَّنْوِينِ مَا … لَمْ يُنْصَبَ اوْلَى مِنْ ثُبُوتِ فَاعْلَمَا

وَغَيْرُ ذِي التَّنْوِينِ بِالْعَكْسِ وَفِي … نَحْوِ "مُرِ" لُزُومُ رَدِّ الْيَا اقْتُفِي

قال: وقيل: إن لفظة "ضارِ" هنا صفة للرجل الصائد، صاحب الكلاب المعتاد للصيد، فسمّاه ضاريًا؛ استعارةً، كما في الرواية الأخرى: "إلا كلب ماشيةٍ، أو كلب صائد"، وأما رواية: "إلا كلبَ ضاريةٍ"، فقالوا: تقديره: إلا كلب ذي كلابِ ضاريةٍ، والضاري هو الْمُعَلَّمُ الصيد المعتادُ له، يقال منه: ضَرَى الكلبُ يَضْرِي، كشَرَى يَشْرِي ضَرًا، وضَرَاوَةَ، وأضراه صاحبه؛ أي: عَوَّده ذلك، وقد ضَرَى بالصيد: إذا لَهَجَ به، ومنه قول عمر - رضي الله عنه -: إن للّحمِ ضراوةً كضراوة الخمر، قال جماعة: معناه: إن له عادةَ يَنْزع إليها، كعادة الخمر، وقال الأزهريّ: معناه: إن لأهله عادةً في أكله، كعادة شارب الخمر في ملازمته، وكما أن من اعتاد الخمر لا يكاد يصبر عنها، كذا من اعتاد اللحم. انتهى (١).

(نَقَصَ) يَحْتَمِل أن يكون مبنيًّا للفاعل، و"قيراطان" فاعله، وأن يكون مبنيًّا للمفعول، و"قيراطان" نائب فاعله، بناء على أنه جاء لازمًا، ومتعدّيًا، قال الفيّوميّ - رحمه الله -: نَقَصَ نَقْصًا، من باب قَتَلَ، ونُقصانًا، وانتَقَصَ: ذهب منه شيءٌ بعد تمامه، ونقصته يتعدّى، ولا يتعدَّى، هذه هي اللغة الفصيحة، وبها جاء القرآن في قوله تعالى: {نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا} [الرعد: ٤١]، وقوله: {غَيْرَ مَنْقُوصٍ} [هود: ١٠٩]، وفي لغة ضعيفة يتعدَّى بالهمزة والتضعيف، ولم يأت في كلام فصيح، ويتعدّى أيضًا بنفسه إلى مفعولين، فيقال: نقصتُ زيدًا حقَّه، وانتقصته مثله، ودرهمٌ ناقصٌ غير تامّ الوزن. انتهى (٢).

(مِنْ عَمَلِهِ) قال النوويّ - رحمه الله -،: معناه: من أجر عمله (كل يَوْم) منصوب على الظرفيّة، متعلّق بـ "نَقَصَ"، وقوله: (قِيرَاطَانِ") مرفوع على الفاعليَّة، كما مرّ آنفًا، قال النوويّ - رحمه الله - القيراط هنا مقدار معلوم عند الله تعالى، والمراد نقص


(١) "شرح النوويّ" ١٠/ ٢٣٧ - ٢٣٨.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٦٢١.