للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْمُرّيّ الذي جُعِل فيه الخمر، ويقول: دبغته الخلّ والملح، وهذا ومثله لا حجة في شيء منه، إذا كان مخالفًا لما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

وذَكَر ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب قال: لا خير في خَلّ من خمر أُفسدت حتى يكون الله الذي أفسدها، قال: وحديث ابن أبي ذئب، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد، عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، عن عمر بن الخطاب قال: لا تؤكل خمر أُفسدت، ولا شيء منها، حتى يكون الله تولى إفسادها.

ورَوَى الحسن بن أبي الحسن، عن عثمان بن أبي العاص أن تاجرًا اشترى خمرًا، فأمره أن يصبها في دجلة، فقالوا: ألا تأمره أن يجعلها خَلًّا؟ فنهاه عن ذلك.

فهذا عمر بن الخطاب، وعثمان بن أبي العاص يخالفان أبا الدرداء في تخليل الخمر، وليس في أحد حجة مع السنة، وبالله التوفيق.

قال: وقد يَحْتَمِل أن يكون المنع من تخليلها كان في بدء الأمر عند نزول تحريمها؛ لئلا يُستدام حبسها بقرب العهد بشربها إرادة لقطع العادة في ذلك، وإذا كان هذا هكذا لم يكن في النهي عن تخليلها حينئذ، والأمرِ بإراقتها ما يمنع من أكلها إذا تخللت، ولم يُسئل عن خمر تخللت، فنَهَى عن ذلك، والله تعالى الموفِّق للصواب، لا شريك له. انتهى كلام ابن عبد البرّ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن بما سبق من أقوال العلماء، وأدلّتهم في حكم تخليل الخمر؛ أن المذهب الصحيح هو ما ذهب إليه الجمهور من تحريم تخليلها؛ لوضوح حجته، واستنارة محجّته، وأما إذا تخلّلت بنفسها، فإنها حلال؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- أكل الخلّ، وقال: "نعم الإدام الخلّ" (٢)، فتبصّر، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.


(١) "التمهيد" ٤/ ١٤١ - ١٤٣.
(٢) حديث صحيح، أخرجه مسلم، وأحمد، وأصحاب "السنن".