للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(وَلَا تَبِيعُوا الْوَرِقَ بِالْوَرِقِ) قال الفيّوميّ رحمه الله: الْوَرِق بكسر الراء، وتُسكّن تخفيفًا: النُّقْرة (١) المضروبةَ، ومنهم من يقول: النُّقْرة مضروبةً كانت، أو غير مضروبة، قال الفارابيّ: الْوَرِقُ: المال من الدراهم، ويُجمع على أوراق، والرِّقَةُ بوزن عِدَة مثلُ الورق (٢).

وقال الجوهريّ رحمه الله: الوَرْقُ: الدراهمُ المضروبة، وكذلك الرِقة، والهاء عوضٌ من الواو. وفي الحديث: "في الرِقَةِ رُبْعُ العُشْرِ"، ويجمع رِقينَ، مثل إرَةٍ وإرينَ. ومنه قولهم: إن الرِقينَ تغطِّي أَفْنَ الأَفينَ. وتقول في الرفع: هذه الرِقونَ. وفي الوَرْقِ ثلاث لغات حكاهنَّ الفراء: وَرِقٌ ووِرْقٌ ووَرْقٌ. ورجلٌ وَرَّاقٌ، وهو الذي يُوَرِّقُ ويكتب. ووَرَّاقٌ أيضًا: كثير الدراهم. قال الراجز:

جاريةٌ من ساكِني العِراقِ … تأكل من كِيسِ امريءٍ وَرَّاقِ

قال ابن الأعرابيّ؛ أي: كثير الورق والمال. انتهى (٣).

(إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ، وَلَا تُشِفُّوا بَعْضَهَا عَلَى بَعْضٍ، وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ") بنون، وجيم وزاي؛ أي: مُؤَجَّلًا بحالّ، والمراد بالغائب أعمّ من المؤجل، كالغائب عن المجلس مطلقًا، مؤجلًا كان أو حالًّا، والناجز الحاضر.

قال ابن بطال: فيه حجة للشافعيّ في قوله: من كان له على رجل دراهم، ولآخر عليه دنانير لم يجز أن يقاصّ أحدهما الآخر بما له؛ لأنه يدخل في معنى بيع الذهب بالورق دَينًا؛ لأنه إذا لم يجز غائب بناجز، فأحرى أن لا يجوز غائب بغائب.

وأما الحديث الذي أخرجه أصحاب "السنن" عن ابن عمر، قال: كنت أبيع الإبل بالبقيع، أبيع بالدنانير، وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم، وآخذ الدنانير، فسألت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك؟ فقال: "لا بأس به إذا كان بسعر يومه، ولم تفترقا وبينكما شيء"، فلا يدخل في بيع الذهب بالورق دينًا؛ لأن النهي بقبض الدراهم عن الدنانير لم يقصد إلى التأخير في الصرف، قاله


(١) "النُّقْرة" بالضمّ: الفضّة.
(٢) راجع: "المصباح" ٢/ ٦٥٥.
(٣) "الصحاح في اللغة" ٢/ ٢٧٥.