القاف: ما يُجعل في العنق (فِيهَا خَرَزٌ) بفتحتين: فصوص من حجارة، وقيل: فصوص من جيّد الجوهر ورديئه، من الحجارة ونحوه، واحدته خرزة، وتقدّم أول الباب (وَذَهَبٌ، وَهِيَ مِنَ الْمَغَانِمِ) جملة في محلّ نصب على الحال، وكذا قوله:(تُبَاعُ، فَأَمَرَ رَسُول اللهِ -صلى الله عليه وسلم- بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلَادَةِ، فَنُزِعَ وَحْدَهُ) أي: أُخرج من بين سائر الجواهر (ثُمَّ قَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ) يَحتمل الرفع، على الابتداء، والجارّ والمجرور خبره؛ أي: يباع بالذهب، ويَحْتَمِل النصب؛ أي: بيعوا الذهب بالذهب، وقوله:(وَزْنًا بِوَزْنٍ) منصوب على الحال؛ أي: موزونًا بوزنه، متماثلًا.
وفي الرواية التالية من طريق حَنَش الصنعانيّ، عن فَضَالة بن عُبيد، قال: اشتريت يوم خيبر قلادةً باثني عشر دينارًا، فيها ذهب وخَرَزٌ، ففصلتها، فوجدت فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، فذكرت ذلك للنبيّ -صلى الله عليه وسلم-، فقال:"لا تباع حتى تُفَصَّلَ".
وفي رواية قال:"لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن"، وفي أخرى قال:"من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يأخذن إلا مثلًا بمثل".
قال أبو العبّاس القرطبيّ -رَحِمَهُ اللهُ-: كان بيع هذه القلادة بعد قَسْم الغنيمة، وبعد أن صارت إلى فَضَالة في سهمه، كما قال في رواية حَنَش؛ ولأن الغنيمة لا يتصرف في بيع شيء منها إلا بعد القِسْمة.
وأمْره -صلى الله عليه وسلم- بتفصيل القِلادة وبيع الذهب على انفراده إنما كان؛ لأن المشتري أراد أن يشتريها بذهب؛ لقوله بعد هذا:"الذَّهب بالذَّهب وزنًا بوزن"، أو يكون قد وقع البيع بذهب، كما جاء في الرواية الأخرى التي قال فيها: إنه اشتراها باثني عشر دينار، ففصَّلها، فوجد فيها أكثر من اثني عشر دينارًا، ففسخ النبيّ -صلى الله عليه وسلم- البيع بقوله:"لا تباع حتى تُفَصَّل"؛ ووجه هذا المنع في هذه الصورة وجود المفاضلة بين الذهبين، فإنَّه إن كان مساويًا للآخر، فقد فضله من صار إليه الذهب، والعَرَضُ بالعَرَض، وإن لم يكن مساويًا فقد حصل التفاضل في عين أحد الذهبين، كما قال في رواية الاثني عشر دينارًا، وهذا قول الجمهور.
وقد شذَّ أبو حنيفة، ومن قال بقوله، وترك مضمون هذا الحديث فقال: إذا كان الذهب المنفرد أكثر من الذهب المضموم إليه السلعة جاز، بناء منه على جعل السِّلعة في مقابل الزائد من الذهب، واعتذر عن الحديث بأنه إنما