للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الْجَمْعِ) -بفتح الجيم، وسكون الميم-: التمر المختلط، قاله في "الفتح"، وقال النوويّ رحمه اللهُ: هو تمر رديء، وقد فسّره في الرواية الأخيرة بأنه الْخِلْط من التمر، ومعناه: مجموع من أنواع مختلفة. انتهى (١). (فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (لَا تَفْعَلُوا) أي: لا تبيعوا الصاع بالصاعين من جنس واحد (وَلَكِنْ مِثْلًا بِمِثْلٍ) أي: بيعوا الجنس الواحد بعضه ببعض متماثلًا في الكيل (أَوْ بِيعُوا هَذَا) أي: بيعوا الجمع بالدراهم (وَاشْتَرُوا بِثَمَنِهِ مِنْ هَذَا) أي: الجنيب.

قال النوويّ رحمه اللهُ: هذا الحديث محمول على أن هذا العامل الذي باع صاعًا بصاعين لم يعلم تحريم هذا؛ لكونه كان في أوائل تحريم الربا، أو لغير ذلك، واحتَجَّ بهذا الحديث أصحابنا وموافقوهم في أن مسألة الْعِينة ليست بحرام، وهي الحيلة التي يعملها بعض الناس توصلًا إلى مقصود الربا، بأن يريد أن يعطيه مائة درهم بمائتين، فيبيعه ثوبًا بمائتين، ثم يشتريه منه بمائة، وموضع الدلالة من هذا الحديث أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال له: "بيعوا هذا، واشتروا بثمنه من هذا"، ولم يُفَرِّق بين أن يشتري من المشتري، أو من غيره، فدَلّ على أنه لا فرق، وهذا كله ليس بحرام عند الشافعىّ، وآخرين، وقال مالك، وأحمد: هو حرام. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي ذكره النوويّ من كون بيع العينة جائزًا عند الشافعيّ، سيأتي في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى- أن الصحيح ما ذهب إليه مالك وأحمد من تحريمه، فتنبّه.

وقوله: (وَكَذَلِكَ الْمِيزَانُ") أي: لا يباع الموزون إلا مثلًا بمثل، فلا يباع رطل برطلين.

قال النوويّ: هذا يستدل به الحنفية؛ لأنه ذَكَر في هذا الحديث الكيل والميزان، وأجاب أصحابنا وموافقوهم بأن معناه: وكذلك الميزان لا يجوز التفاضل فيه، فيما كان ربويًّا موزونًا. انتهى (٢).

وقال ابن عبد البرّ: كل من روى عن عبد المجيد هذا الحديث ذكر فيه الميزان، سوى مالك. انتهى.


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٢١.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٢١ - ٢٢.