للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

باعه بنقد، ونسيئة فلا بأس، وقال: أكره للرجل أن لا يكون له تجارة، غير العينة، لا يبيع بنقد، وقال ابن عقيل: إنما كره النسيئة لمضارعتها الربا، فإن الغالب أن البائع بنسيئة، يقصد الزيادة بالأجل، ويجوز أن تكون العِينة اسمًا لهذه المسألة، وللبيع بنسيئة جميعًا، لكن البيع بنسيئة، ليس بمحرم اتفاقًا، ولا يُكره، إلا أن لا يكون له تجارة غيره. انتهى كلام ابن قُدامة رحمه اللهُ (١).

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الأرجح عندي تحريم بيع العِينة؛ لحديث أبي داود المذكور، فإنه حديث صحيح، صححه جماعة من المحققين، بمجموع طرقه. انظر ما كتبه الشيخ الألبانيّ رحمه اللهُ في "السلسلة الصحيحة" ١/ ١٥ - ١٧ رقم ١١، وفيه الوعيد الشديد لمن يتعاطى هذا الأمر، ولا يكون الوعيد إلا على شيء محرّم شرعًا، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الخامسة): إن باع سلعة بنقد، ثم اشتراها بأكثر منه نسيئة، فقال أحمد في رواية حرب: لا يجوز ذلك، إلا أن يغيّر السلعة؛ لأن ذلك يتخذه وسيلة إلى الربا، فأشبه مسألة العينة، فإن اشتراها بنقد آخر، أو بسلعة أخرى، أو بأقل من ثمنها نسيئة جاز؛ لِمَا ذكرناه في مسألة العينة، ويَحْتَمِل أن يجوز له شراؤها بجنس الثمن بأكثر منه، إلا أن يكون ذلك عن مواطأة، أو حيلة فلا يجوز، وإن وقع ذلك اتفاقًا من غير قصد جاز؛ لأن الأصل حِلّ البيع، وإنما حُرِّم في مسألة العينة بالأثر الوارد فيه، وليس هذا في معناه، ولأن التوسل بذلك أكثر، فلا يلتحق به ما دونه، ذكره ابن قُدامة رحمه اللهُ (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): من باع طعامًا إلى أجل، فلما حلّ الأجل، أخذ منه بالثمن الذي في ذمته طعامًا قبل قبضه لم يَجُز، رُوي ذلك عن ابن عمر، وسعيد بن المسيِّب، وطاوس، وبه قال مالك، وأحمد، وإسحاق. وأجازه جابر بن زيد، وسعيد بن جبير، وعليّ بن حسين، والشافعيّ، وابن المنذر، وأصحاب الرأي، قال عليّ بن حسين: إذا لم يكن لك في ذلك رأي، ورُوي


(١) "المغني" ٦/ ٢٦٠ - ٢٦٢.
(٢) "المغني" ٦/ ٢٦٣.