للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أدلّة صدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وصحّة رسالته، ففيه التنبيه، قالهُ القرطبيّ (١).

(فَقُلْتُ: أَنَا لَكُمْ بِهِ) أي أنا أكفيكم شأنه، وما يؤول إليه أمره (فَخَرَجْتُ فِي طَلَبِه، حَتَّى جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ الْمَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بِالأَرْض، وَذُبَابَهُ بَيْنَ ثَدْيَيْه، ثُمَّ تَحَامَلَ عَلَيْه، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عِنْدَ ذَلِكَ) أي عندما أخبره الرجل بحال الرجل ("إِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ) قال النووي: معناه أن هذا قد يقع (عَمَلَ أَهْلِ الْجَنَّةِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ) قال القرطبيّ رحمه الله تعالى: هذا دليلٌ على أن ذلك الرجل لَمْ يكن مُخلِصًا في جهاده، وقد صرّح الرجل بذلك فيما يُروى عنه أنه قال: إنما قاتلتُ عن أحساب قومي، فيتناول هذا الخبر أهل الرياء، فأما حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - الذي قال فيه: "إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنّة، ثم يُختم له بعمل أهل النار، فيدخلها" (٢)، فإنما يتناول من كان مخلصًا في أعماله، قائمًا بها على شرطها، لكن سبقت عليه سابقة القدر، فبُدِّلَ به عند خاتمته، كما يأتي تحقيقه في "كتاب القدر" - إن شاء الله تعالى -. انتهى كلام القرطبيّ (٣).

(وَهُوَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ) جملة حاليّة من فاعل "يَعْمَل" (وَإِنَّ الرَّجُلَ لِيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاس، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ") زاد في حديث أكثم: "تُدركه الشقاوة والسعادة عند خروج نفسه، فيُختَم له بها"، وسيأتي شرح الكلام الأخير في "كتاب القدر" - إن شاء الله تعالى - والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث سهل بن سعد - رضي الله عنهما - هذا متّفقٌ عليه.


(١) "المفهم" ١/ ٣١٨.
(٢) سيأتي هذا الحديث للمصنّف في "كتاب القدر" برقم:
(٢٦٥١) من طريق العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجَنَّة، ثم يُختَم له عمله بعمل أهل النار، وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجَنَّة".
(٣) "المفهم" ١/ ٣١٩.