للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والسلم شرعًا: بيع موصوف في الذمة، ومن قيّده بلفظ "السلم" زاده في الحدّ، ومن زاد فيه: "ببدل يُعطَى عاجلًا" فيه نظر؛ لأنه ليس داخلًا في حقيقته.

واتفق العلماء على مشروعيته، إلا ما حُكي عن ابن المسيِّب، واختلفوا في بعض شروطه، واتفقوا على أنه يُشترط له ما يشترط للبيع، وعلى تسليم رأس المال في المجلس، واختلفوا هل هو عقد غرر، جُوّز للحاجة، أم لا؟، قاله في "الفتح" (١).

وقال النوويّ رحمه الله: قال أهل اللغة: يقال: السَّلَم والسَّلَف، وأسلم، وسَلَّم، وأسلف، وسَلَّف، ويكون السلف أيضًا قرضًا، ويقال: استَسْلَف، قال أصحابنا: وَيشَتَرِك السلم والقرض في أن كلًّا منهما إثبات مال في الذمة بمبذول في الحال، وذَكَروا في حدّ السلم عباراتٍ، أحسنُها أنه عقدٌ على موصوف في الذمة ببذل يُعْطَى عاجلًا، سُمِّي سَلَمًا؛ لتسليم رأس المال في المجلس، وسُمِّي سَلَفًا؛ لتقديم رأس المال، وأجمع المسلمون على جواز السلم. انتهى (٢).

وقال ابن قُدامة رحمه الله: "السلم": هو أن يُسلم عِوَضًا حاضرًا، في عِوَض موصوف في الذمة، إلى أجل، ويُسَمَّى سَلَمًا، وسَلَفًا، يقال: أسلم، وأسلف، وسَلَّفَ، وهو نوع من البيع، ينعقد بما ينعقد به البيع، وبلفظ السلم، والسلف، ويُعتبر فيه من الشروط ما يعتبر في البيع، وهو جائز بالكتاب، والسُّنَّة، والإجماع:

أما الكتاب: فقول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ} الآية [البقرة: ٢٨٢]، ورَوَى سعيد بإسناده، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: أشهد أن السلف المضمون إلى أجل مسمى، قد أحله الله في كتابه، وأذن فيه، ثم قرأ هذه الآية، ولأن هذا اللفظ يَصلح للسلم، ويشمله بعمومه.

وأما السُّنَّة: فرَوَى ابنُ عباس -رضي الله عنهما-، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أنهم قَدِمُوا


(١) "الفتح" ٦/ ٥.
(٢) "شرح النوويّ" ١١/ ٤١.