للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال: ورواية أبي إسحاق الفزاري التي أخرجها البخاريّ تسلم من هذا الاعتراض: أي بلفظ: "افتتحنا خيبر"، بأن يحمل قوله: "افْتَتَحنا": أي المسلمون، وقد تقدم نظير ذلك.

ورَوَى البيهقي في "الدلائل" من وجه آخر عن أبي هريرة قال: "خَرَجنا مع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - من خيبر إلى وادي القرى"، فلعل هذا أصل الحديث.

قال: وحديث قُدوم أبي هريرة المدينة، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بخيبر أخرجه أحمد، وابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم، من طريق خُثَيم بن عِرَاك بن مالك، عن أبيه، عن أبي هريرة، قال: "قَدِمتُ المدينة، والنبيّ - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وقد استَخْلَف سِبَاع بن عُرْفُطَة … "، فذَكَر الحديث، وفيه: "فَزَوَّدُونا شيئًا، حتى أتينا خيبر، وقد افتتحها النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فكَلَّمَ المسلمين، فأشركونا في سهامهم".

ويُجمَع بين هذا وبين الحصر الذي في حديث أبي موسى الذي قبله (١)، أن أبا موسى أراد أنه لَمْ يُسْهِم لأحد، لَمْ يَشهَد الوقعة استرضاء من غير استرضاء أحد من الغانمين، إلَّا لأصحاب السفينة، وأما أبو هريرة وأصحابه فلم يعطهم إلَّا عن طيب خواطر المسلمين.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هكذا جمع الحافظ بما سمعت، وعندي في هذا الجمع نظر؛ لأنه وقع عند البيهقيّ أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قبل أن يُقسم لهم كَلَّم المسلمين، فأشركوهم، فلا فرق بينهم وبين قصّة أبي هريرة في الاسترضاء (٢)، فالأولى في الجمع أن يُحمل نفي أبي موسى على أنه لَمْ يعلم بقضيّة أبي هريرة، أو نسيها، فحدّث بالنفي، والله تعالى أعلم.

[تنبيه]: وقع في رواية عبيد الله بن يحيى بن يحيى الليثي، عن أبيه، في


(١) هو ما أخرجه البخاريّ في "فرض الخمس" من "صحيحه"، من حديث أبي موسى - رضي الله عنه -، وفيه: "فوافقنا النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، حين افتتح خيبر، فأسهم لنا، أو قال: فأعطانا منها، وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئًا، إلَّا لمن شهد معه، إلَّا أصحاب سفينتنا، مع جعفر وأصحابه، قسم لهم معهم".
(٢) وقد ذكر ما عند البيهقيّ في "الفتح" ٧/ ٥٥٥: أي بنحو صفحتين من موضع الجمع، فسها عنه، فجلّ من لا يسهو.