وقوله:(عَنْ ثَلَاَثةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ، كُلُّهُمْ يُحَدِّثُهُ عَنْ أَبِيهِ) هكذا هذه الرواية متّصلة، إلا أن فيها إبهام أولاد سعد، وفي الرواية التالية:"عَنْ ثَلَاثَةٍ مِنْ وَلَدِ سَعْدٍ، قَالُوا: مَرِضَ سَعْدٌ بِمَكَّةَ"، وهذه الرواية مرسلة؛ لأن أولاد سعد لم يشهدوا القضيّة؛ لكونهم غير صحابيين، قال النوويّ رحمه الله: قوله: "عن حميد بن عبد الرحمن الحميريّ، عن ثلاثة من ولد سعد، كلهم يحدثه عن أبيه، أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- دخل على سعد يعوده بمكة"، وفي الرواية الأخرى:"عن حميد، عن ثلاثة من ولد سعد، قالوا: مَرِضَ سعد بمكة، فأتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعوده"، فهذه الرواية مرسلة، والأولى متصلة؛ لأن أولاد سعد تابعيّون، وإنما ذكر مسلم هذه الروايات المختلفة في وصله وإرساله؛ ليبيّن اختلاف الرواة في ذلك، قال القاضي: وهذا وشِبْهَه من الْعِلَل التي وَعَدَ مسلم في خطبة كتابه أنه يذكرها في مواضعها، فظَنّ ظانّون أنه يأتي بها مفردة، وأنه تُوُفّي قبل ذكرها، والصواب أنه ذكرها في تضاعيف كتابه، كما أوضحناه في أول هذا الشرح، ولا يقدح هذا الخلافُ في صحة هذه الرواية، ولا في صحة أصل الحديث؛ لأن أصل الحديث ثابت من طُرُق من غير جهة حميد، عن أولاد سعد، وثبت وصله عنهم في بعض الطرُق التي ذكرها مسلم، قال: وقد قدّمنا في أول هذا الشرح أن الحديث إذا رُوِي متصلًا ومرسلًا، فالصحيح الذي عليه المحققون أنه محكوم باتصاله؛ لأنها زيادة ثقةٌ، وقد عَرَّض الدارقطنيّ بتضعيف هذه الرواية، وقد سبق الجواب عن اعتراضه الآن، وفي مواضع نحو هذا، والله أعلم. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).
وقال الحافظ الرشيد العطّار رحمه الله في "الغرر الفوائد المجموعة" -بعد أن أورد رواية حماد بن زيد، عن أيوب، عن عمرو بن سعيد، عن حميد بن عبد الرحمن الحميريّ، عن ثلاثة من ولد سعد، قالوا: مرض سعد بمكة، فأتاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يعوده، الحديث- ما نصّه: قلت: وهذا مرسل، وليس في ولد سعد بن أبي وقاص من له صحبة، ولا رواية عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قاله الدارقطنيّ وغيره، وهذا الحديث وإن كان مرسلًا من هذا الوجه، فإنه متصل في كتاب