للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(إِلَى الرُّبُعِ) زاد الحميديّ "في الوصيّة"، وكذا رواه أحمد، عن وكيع، عن هشام، بلفظ: "وددتُّ أن الناس غضّوا من الثلث إلى الربع في الوصيّة … " الحديث.

(فَإنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-) الفاء للتعليل؛ أي: لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم - … إلخ، وهو تعليلٌ من ابن عبّاس -رضي الله عنهما- لِمَا اختاره من النقصان عن الثلث، وكأنه أخذ ذلك من وصفه -صلى الله عليه وسلم- الثلث بالكثرة، وقد تقدّم بيان الاختلاف في توجيه ذلك في شرح الحديث الأول من هذا الباب، ومن أخذ بقول ابن عباس في ذلك، كإسحاق بن راهويه، والمعروف في مذهب الشافعيّ استحباب النقص عن الثلث، أفاده في "الفتح".

وقال النوويّ رحمه الله: وفيه استحباب النقص عن الثلث، وبه قال جمهور العلماء مطلقًا، ومذهبنا أنه إن كان ورثته أغنياء استُحبّ الإيصاء بالثلث، وإلا فيستحبّ النقص منه. وعن أبي بكر الصدّيق -رضي الله عنه- أنه أوصى بالخمس. وعن عليّ -رضي الله عنه- نحوه، وعن ابن عمر، وإسحاق بالربع، وقال آخرون: بالسدس، وآخرون بدونه، وقال آخرون: بالعشر، وقال إبراهيم النخعيّ: رحمه الله: كانوا يكرهون الوصيّة بمثل نصيب أحد الورثة، ورُوي عن عليّ، وابن عبّاس، وعائشة، وغيرهم -رضي الله عنهم- أنه يستحبّ لمن له ورثةٌ، وماله قليل ترك الوصيّة. انتهى كلام النوويّ رحمه الله (١).

(قَالَ: "الثُّلُثُ) تقدّم أنه تجوز فيه أوجه الإعراب الثلاثة، وأَوْلاها النصب؛ أي: أعط الثلث (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) بالثاء المثلّثة، وهو مبتدأ وخبره (وَفِي حَدِيثِ وَكِيعٍ: "كَبِيرٌ، أَوْ كَثِيرٌ") بالباء الموحّدة، و"أو" فيه للشكّ من الراوي، والله تعالى اعلم بالصواب، وإليه المرجع، والمآب.

مسألتان تتعلّقان بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث ابن عبّاس -رضي الله عنهما- هذا متّفقٌ عليه.

(المسألة الثانية): في تخريجه:


(١) "شرح النوويّ" ١١/ ٨٣.